(وَجَحَدُوا بِها وَاسْتَيْقَنَتْها أَنْفُسُهُمْ ظُلْماً وَعُلُوًّا) (١). وانتصابه على الحال.
(وَإِنِّي لَأَظُنُّكَ يا فِرْعَوْنُ مَثْبُوراً) مصروفا عن الخير ، مطبوعا على الشرّ ، من قولك : ما ثبرك عن هذا؟ أي : ما صرفك؟ أو هالكا. قارع ظنّه بظنّه ، كأنّه قال : إن ظننتني مسحورا فأنا أظنّك مثبورا ، وشتّان ما بين الظنّين ، فإنّ ظنّ فرعون كذب بحت ، وظنّ موسى يحوم حوم اليقين من تظاهر أماراته ، ولهذا فسّر الظنّ هاهنا بمعنى العلم.
(فَأَرادَ) فرعون (أَنْ يَسْتَفِزَّهُمْ) أن يستخفّ موسى وقومه وينفيهم (مِنَ الْأَرْضِ) أرض مصر ، أو الأرض مطلقا ، بالقتل والاستئصال (فَأَغْرَقْناهُ وَمَنْ مَعَهُ جَمِيعاً) فعكسنا عليه مكره ، واستفززناه وقومه بالإغراق.
(وَقُلْنا مِنْ بَعْدِهِ) من بعد فرعون ، أو إغراقه (لِبَنِي إِسْرائِيلَ اسْكُنُوا الْأَرْضَ) الّتي أراد أن يستفزّكم منها (فَإِذا جاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ) الكرّة ، أو الحياة ، أو الساعة ، أو الدار الآخرة ، يعني : قيام القيامة (جِئْنا بِكُمْ لَفِيفاً) مختلطين إيّاكم وإيّاهم ، ثمّ نحكم بينكم ، ونميّز سعداءكم من أشقيائكم. واللفيف : الجماعات من قبائل شتّى.
(وَبِالْحَقِّ أَنْزَلْناهُ وَبِالْحَقِّ نَزَلَ وَما أَرْسَلْناكَ إِلاَّ مُبَشِّراً وَنَذِيراً (١٠٥) وَقُرْآناً فَرَقْناهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلى مُكْثٍ وَنَزَّلْناهُ تَنْزِيلاً (١٠٦) قُلْ آمِنُوا بِهِ أَوْ لا تُؤْمِنُوا إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذا يُتْلى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقانِ سُجَّداً (١٠٧) وَيَقُولُونَ سُبْحانَ رَبِّنا إِنْ كانَ وَعْدُ رَبِّنا لَمَفْعُولاً (١٠٨) وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعاً (١٠٩))
__________________
(١) النمل : ١٤.