وإيهام احتياجه تعالى إلى ولد يعينه ويخلفه ، إلى غير ذلك من الزيغ. و «كلمة» نصب على التمييز. وفيه معنى التعجّب ، كأنّه قيل : ما أكبرها كلمة! وضمير «كبرت» راجع إلى قولهم : (اتَّخَذَ اللهُ وَلَداً). وسمّيت كلمة كما يسمّون القصيدة بها.
(تَخْرُجُ مِنْ أَفْواهِهِمْ) صفة لها تفيد استعظام اجترائهم على إخراجها من أفواههم ، فإنّ كثيرا ممّا يوسوسه الشيطان في قلوب الناس ، ويحدّثون به أنفسهم من المنكرات ، لا يتمالكون أن يتفوّهوا به ويطلقوا به ألسنتهم ، بل يكظمون عليه تشوّرا (١) من إظهاره ، فكيف بمثل هذا المنكر؟! ووصف الكلمة بالخروج من الأفواه توسّعا ومجازا ، فإنّ الخارج بالذات هو الهواء الحامل لها. (إِنْ يَقُولُونَ إِلَّا كَذِباً) وافتراء على الله.
(فَلَعَلَّكَ باخِعٌ) أي : قاتل (نَفْسَكَ عَلى آثارِهِمْ) إذا ولّوا عن الايمان. شبّهه حين تولّوا عنه ولم يؤمنوا به ، لما تداخله من الوجد والأسف على تولّيهم ، برجل فارقه أحبّته وأعزّته ، فهو يتساقط حسرات على آثارهم ، ويبخع نفسه وجدا عليهم ، وتلهّفا على فراقهم. (إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهذَا الْحَدِيثِ) بهذا القرآن (أَسَفاً) للتأسّف عليهم.
والأسف فرط الحزن والغضب. يقال : رجل أسف وأسيف.
(إِنَّا جَعَلْنا ما عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَها لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً (٧) وَإِنَّا لَجاعِلُونَ ما عَلَيْها صَعِيداً جُرُزاً (٨) أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كانُوا مِنْ آياتِنا عَجَباً (٩))
(إِنَّا جَعَلْنا ما عَلَى الْأَرْضِ) من الحيوان والنبات والمعادن (زِينَةً لَها) يعني :
__________________
(١) أي : تباعدا من إظهاره ، كأنّه عورة. وفي الصحاح (٢ : ٧٠٤) : «الشوار : فرج المرأة والرجل».