وَرَبَطْنا عَلى قُلُوبِهِمْ إِذْ قامُوا فَقالُوا رَبُّنا رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ لَنْ نَدْعُوَا مِنْ دُونِهِ إِلهاً لَقَدْ قُلْنا إِذاً شَطَطاً (١٤) هؤُلاءِ قَوْمُنَا اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً لَوْ لا يَأْتُونَ عَلَيْهِمْ بِسُلْطانٍ بَيِّنٍ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللهِ كَذِباً (١٥) وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَما يَعْبُدُونَ إِلاَّ اللهَ فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ يَنْشُرْ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيُهَيِّئْ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ مِرْفَقاً (١٦))
ثمّ بيّن سبحانه قصّة أصحاب الكهف بقوله : (إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ) أي : اذكر حين إذ أوى فتية من أشراف الروم ، وهم آمنوا بالله ، وكانوا يخفون الإسلام خوفا من ملكهم. واسم ملكهم دقيانوس ، واسم مدينتهم أفسوس أو أطروس. وكان ملكهم يعبد الأصنام ، ويدعو إليها ، ويقتل من خالفه ، فهربوا من دقيانوس لحفظ دينهم ، والتجأوا إلى الكهف. (فَقالُوا رَبَّنا آتِنا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً) توجب لنا المغفرة والرزق والأمن من الأعداء (وَهَيِّئْ لَنا مِنْ أَمْرِنا) الذي نحن عليه من مفارقة الكفّار (رَشَداً) نصير بسببه راشدين مهتدين. أو اجعل أمرنا كلّه رشدا ، كقولك : رأيت منك أسدا. وأصل التهيئة إحداث هيئة الشيء.
(فَضَرَبْنا عَلَى آذانِهِمْ) أي : فضربنا عليها حجابا يمنع السماع. يعني : أنمناهم إنامة ثقيلة لا تنبّههم فيها الأصوات. فحذف المفعول ، كما حذف في قولهم : بنى على امرأته ، يريدون : بني عليها القبّة. (فِي الْكَهْفِ سِنِينَ) ظرفان لـ «ضربنا» (عَدَداً) أي : ذوات عدد. ووصف السنين به يحتمل أن يريد التكثير والتقليل ، فإنّ مدّة لبثهم كبعض يوم عنده.
(ثُمَّ بَعَثْناهُمْ) أيقظناهم (لِنَعْلَمَ) ليتعلّق علمنا تعلّقا استقباليّا مطابقا لمتعلّقه.