الفصل السادس من القياس
في حصر مدارك الأقيسة الفقهية والتنبيه على جمل يزيد الانتفاع بها على مجلدات تحفظ من الأصول الرسمية. فنقول الحكم الشرعي تارة يكون مدركه أصل العلم وتارة يكون مدركه ملحق بأصل العلم. فالمعلوم بأصل العلم كالعلم بوجوب الكفارة على من أفطر بالجماع في نهار رمضان ، ويكون الأصل فيه إما قول أو فعل أو إشارة أو تقدير من صاحب الشرع صلوات اللّه عليه ، وليس ذلك تفصيله من غرضنا ، وإما الملحق بالأصل فله أقسام وتشترك في أمر واحد وهو أن من ضرورته حذف بعض أوصاف الأصل عن درجة الاعتبار حتى يتّسع الحكم ، فإن اتساع الحكم بحذف الأوصاف وأن نقصان الوصف يزيد في الموصوف ، أي في عمومه ، فإن غير البر لا يلحق بالبر ما لم يسقط اعتبار كونه برا في حكم الربوي ، والحمص لا تلتحق به المكيلات ما لم تحذف اعتبار كونه مطعوما ، والثوب على مذهب ابن الماجشون لا يعتبر به ما لم يسقط اعتبار كونه مقدّرا ، وهكذا كل من زاد إلحاقه زاد حذفه. فإذا عرفت هذا فاعلم أن للإلحاق طريقين : أحدهما ألا يتعرض الملحق إلا لحذف الوصف الفارق بين الملحق والملحق به ، فأما العلة الجامعة فلا يتعرض لها البتة ، ومع ذلك فيصحّ إلحاقه. وهذا له ثلاث درجات أعلاها أن يكون الحكم في الملحق أولى كما إذا قلت جامع الأعرابي أهله فلزمته الكفارة ، فمن يزني أولى بأن تلزمه ، لأن الفارق بين جماع الأهل والأجنبي كونه حلالا وهذا أولى بالإسقاط والحذف من وجوب