حقيقته وزوال الآخر غير مبطل ، فهذا هو المراد بهذا الاصطلاح. وأما الجوهر فعلى ما نعتقده داخل في الماهية؛ فإنا نفهم منه المتحيز وهو حقيقة ذاتية ، فيكون الجنس الأعم عندنا هو الجوهر وينقسم إلى جسم وغير جسم وهو الجوهر الفرد. وأما المنطقيون فيعبّرون بالجوهر عن الموجود لا في موضع. وإذا لم يكن الوجود ذاتيا فبأن يضاف إليه لا في موضع لا يصير ذاتيا لأنه سلب محض فيصحّ اصطلاحهم بحسب تفاهمهم واعتقادهم لا بحسب اعتقادنا وتفاهمنا. وأما ما هو أخص من الإنسان من كونه طويلا وقصيرا وكاتبا ومحترقا وأبيض وأسود فهو لا يدخل في الماهية ، إذ لا يتغيّر بتغييره الجواب عن طلب الماهية. فإن قيل لنا ما هذا قلنا إنسان وكان صغيرا فكبر وطال وأحمر وأصفر ، فسئل مرة أخرى أنه ما هو؟ كان الجواب ذلك بعينه. ولو أشير إلى ما ينفصل من الإحليل عند الوقاع وقيل ما هو قلنا نطفة ، فإذا صار جنينا ثم مولودا فقيل ما هو؟ تغيّر الجواب ولم يحسن أن يقال نطفة بل يقال إنسان. وكذلك الماء إذا سخن فقيل ما هو قلنا إنه ماء كما في حالة البرودة ، ولو استحال بخارا بالنار تغيّر الجواب. فإذا انقسمت الصفات إلى ما يتبدل الجواب عن الماهية بتبدلها وإلى ما لا يتبدل. فإذا ، قد عرفت بهذا معنى الجنس والنوع والفصل.
القانون الثالث : إن ما وقع السؤال عن ماهيته وأردت أن تحدّه حدّا حقيقيّا فعليك فيه وظائف لا يكون الحد حقيقيا إلا بها ، فإن تركتها سمّيناه رسميا أو لفظيّا وخرج عن كونه معربا عن حقيقة الشيء ومصورا كنه معناه في نفس السائل الأول أن تجمع أجزاء الحد من الجنس والفصول. فإذا قيل ذلك مشيرا إلى ما ينبت من الأرض ما هو فلا بد وأن تقول جسم ، ولكن لو اقتصرت عليه بطل عليك بالحجر فتحتاج إلى الزيادة فتقول نام فتحترز عن ما لا ينمو ، فهذا الاحتراز يسمّى فصلا ، إذ فصلت به المحدود عن غيره ، ثم شرطك أن تذكر جميع ذاتياته وإن كان ألفا ولا تبالي بالتطويل. ولكن ينبغي أن تقدّم الأعم على الأخص ، فلا تقول نام جسم بل بالعكس. وهذا لو