المقصود وهذه المزايا تحسينات وترتيبات كالأبازير من المقصود. وإنما المتجادلون يستعظمون مثل ذلك ويستنكرونه غاية الاستنكار لميل طباعهم القاصرة عن المقصود للأصل والتوابع ، حتى ربما أنكروا قول القائل في حد العلم إنه الثقة بالمعلوم أو إدراك المعلوم من حيث أن الثقة مردّدة بين العلم والأمانة ، وهذا المعترض مهوّس ، فإن الثقة إذا قرنت بالمعلوم تعيّن فيه جهة الفهم ، ومن قال حد اللون ما يدرك بحاسة العين على وجه كذا وكذا فلا ينبغي أن ينكر هذا لأن العين قد يراد بها الذهب والشمس ، فإنه مع قرينة الحاسة ذهب الإجمال وحصل التفهم الذي هو مطلب السؤال. واللفظ غير مراد بعينه في الحد الحقيقي إلا عند المترسم الذي يحوم حول العبارات فيكون اعتراضه عليها وشغفه بها.
القانون الرابع : في طريق اقتناص الحد : اعلم أن الحد لا يحصل بالبرهان لأنا إذا قلنا حد الخمر أنها شراب مسكر فقيل لنا لم كان محالا أن تطلب صحته بالبرهان ، لأن قولنا حد الخمر أنها شراب مسكر دعوى هي قضية محكومها الخمر وحكمها أنها شراب مسكر. وهذه القضية إن كانت معلومة بغير وسط فلا حاجة إلى البرهان وإن لم تعلم وافترقنا إلى وسط وهو البرهان كان صحة ذلك الوسط للمحكوم عليه وصحة الحكم للوسط كل واحدة قضية واحدة ، فبما ذا نعرف صحتها؟ فإن احتيج إلى وسط آخر تداعى إلى غير نهاية وإن وقف في موضع بغير وسط فبما ذا نعرف في ذلك الموضع صحته فلنتّخذ ذلك طريقا في إدراك الأمر. مثاله لو قلنا حد العلم إنه معرفة فقيل لم ، فقلنا لأن كل علم فهو اعتقاد مثلا وكل اعتقاد فهو معرفة فيقال ولم قلتم كل علم فهو اعتقاد ولم قلتم إن كل اعتقاد فهو معرفة فيصير السؤال سؤالين. وهكذا يتداعى ، بل الطريق أن النزاع إن كان فيه من خصم فيقال صحته عرفت باطراده وانعكاسه فهو الذي يسلّم الخصم به بالضرورة.
وأما كونه معربا عن تمام الحقيقة فربما يعاند فيه ولا يعترف به ، فإن منع اطّراده وانعكاسه على أصل نفسه طالبناه بأن يذكر حد نفسه ، وقابلنا أحد