الحدين بالآخر وعرفنا الوصف الذي فيه يتفاوتان من زيادة أو نقصان وجرّدنا النظر إلى ذلك الوصف وأبطلناه بطريقة أو أثبتناه بطريقة ، مثاله إذا قلنا المغصوب مضمون وولد المغصوب مغصوب فكان مضمونا ، فيقول الخصم نسلّم أن المغصوب مضمون ولكن لا نسلّم أن الولد مغصوب ، فنقول الدليل على أنه مغصوب أن حد الغصب قد وجد فيه ، فإن حد الغصب إثبات اليد العادية على مال الغير وقد وجد ، وربما يمنع كون اليد عادية وكونه إثباتا بل يقول هو ثبوت ، ولكن ليس ذلك من غرضنا بل ربما قال أسلّم أن هذا موجود في الولد ولكن لا أسلّم أن هذا حد الغصب ، فهذا لا يمكن إقامة البرهان عليه إلا أنا نقول هو مطّرد منعكس فما الحد عندك ، فلا بد من ذكره حتى ننظر إلى موضع التفاوت فيقول بل حد الغصب إثبات اليد المبطلة المزيلة لليد المحقة ، فنقول قد زدت وصفا وهو الإزالة.
فلننظر هل يمكننا أن نقدر اعتراف الخصم بثبوت الغصب مع عدم هذا الوصف ، فإن قدرنا عليه كأن يقول الزيادة محذوفة ، وذلك بأن يقول الغاصب من الغاصب يضمنه المالك ، وقد أثبت اليد العادية وما أزال المحقة بل المزال لا يزال ، وكان الأول قد أزال اليد المحقة فهذا طريق قطع النزاع ، وأما الناظر مع نفسه فإذا تحرّر له الشيء وتلخص له اللفظ الدال على ما تحرّر في ذهنه علم أنه واجد للحد.
القانون الخامس : في حصر مداخل الخلل في الحدود : وهي ثلاثة فإنه تارة يدخل من جهة الجنس وتارة من جهة الفصل وتارة من جهة أمر مشترك بينهما. أما الخلل في الجنس فأن يؤخذ الفصل بدله كما يقال في حد العشق أنه إفراط المحبة ، وينبغي أن يقال المحبة المفرطة ، فالإفراط يفصلها عن سائر أنواع المحبة. ومن ذلك أن يؤخذ المحل بدل الجنس ، كقولك حد الكرسي أنه خشب يجلس عليه ، والسيف أنه حديد يقطع به بل ينبغي أن يقال للسيف أنه آلة صناعية من حديد يقطع به ، بل ينبغي أن يقال للسيف أنه آلة من حديد مستطيلة مع تقوس ويقطع بها كذا ، فالآلة جنس