تأليف رقوم تدرك بحاسة البصر دالة على اللفظ ، وهي الكتابة ، والكتابة تبع اللفظ ، إذ تدل عليه ، واللفظ تبع العلم ، إذ يدل عليه ، والعلم تبع المعلوم ، إذ يطابقه ويوافقه. وهذه الأربعة متوافقة متطابقة متوازنة إلا أن الأولين وجودان حقيقيان لا يختلفان بالأعصار والأخريان وهما اللفظ والكتابة تختلف بالأعصار والأمم لأنها موضوعة بالاختيار. ولكن الأوضاع وإن اختلفت صورها فهي متفقة في أنها موضوعة قصد بها مطابقة الحقيقة. ومعلوم أن الحد مأخوذ من المنع ، وإنما استعير لهذه المعاني للمشاركة في معنى المنع ، فانظر أين تجده في هذه الأربعة. فإن ابتدأت بالحقيقة لم تشك في أنها حاصرة للشيء مخصوصة به ، إذ حقيقة كل شيء خاصيته التي له وليست لغيره. فإذا الحقيقة جامعة مانعة. فإن نظرت إلى مثال الحقيقة فى الذهن وهو العلم وجدته أيضا كذلك ، لأنه مطابق للحقيقة المانعة. والمطابقة توجب المشاركة في المنع. وإن نظرت إلى العبارة عن العلم وجدتها أيضا حاصرة ، فإنها مطابقة للعلم المطابق للحقيقة والمطابق للمطابق مطابق. وإن نظرت إلى الكتابة وجدتها مطابقة للفظ المطابق للعلم المطابق للحقيقة ، فهي أيضا مطابقة ، وقد وجد المنع في الكل إلا أن العادة لم تجر بإطلاق اسم الحد على الكتابة التي هي الرابعة ولا على العلم الذي هو الثانية ، بل هو مشترك بين حقيقتين. فلا بد وأن يكون له حدان مختلفان كلفظ العين ، والمختار ونظائر هما. فإذا عند الإطلاق على نفس الشيء يكون حدّ الحداثة حقيقة الشيء وذاته وعند الإطلاق الثاني يكون حدّ الحد إنه اللفظ الجامع المانع إلا أن الذين أطلقوه على اللفظ أيضا اصطلاحهم مختلف كما ذكرناه في الحد اللفظي والرسمي والحقيقي. فحدّ الحد عند من يقنع بتكرير اللفظ كقوله الموجود هو الشيء والحركة هي النقلة والعلم هو المعرفة هو تبديل اللفظ لما هو واقع عند السائل على شرط يجمع ويمنع. وأما حدّ الحد عند من يقنع بالرسميات أنه اللفظ الشارح للفظ بتعديد صفاته الذاتية واللازمة على وجه يميّزه عن غيره تمييزا يطرد وينعكس. وأما حدّه عند من لا يطلق اسم الحد إلا على الحقيقي أنه القول