على ما هو مغاير للمعيّن ، بل وعكسه. ويحمل المطلق بمعناه العمومية وقد عرّفه الجرجاني «أنه ما يدلّ على واحد غير معيّن» (١). ويقول عنه أبو البقاء : «المطلق هو الدّال على الماهية من غير دلالة على الوحدة والكثرة ، والنكرة دالة على الوحدة ولا فرق بينهما في اصطلاح الأصوليّين» (٢). ويرتكز المطلق عند المسلمين على منحى لغوي ، يعتبر اللفظة معرفة وليست نكرة. واستعمل لفظ المطلق في الفقه ليشكّل نقيض المقيّد. إذ يجري الحكم في الأصول على إطلاقه ، إلا إذا وقع تقييد ، مثاله : «قوله تعالى (فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ) والمقيّد ما تعرض ذاتا موصوفة بصفة ، كقوله تعالى (فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ)» (٣).
والأرجح اتّجاه الإمام إلى التأثر بالعربية والأصول في تداوله المطلق في المحك ، أكثر منه اتّباعا لابن سينا. ويزيد من ترجيحنا الاقتناع بأنّ مسائل البحث فقهيّة ، وغرض الكتاب ، كما صرّح ، تعليمي إسلاميّ.
ولأن الغزالي بعيد هنا عن معالجة الأمور الطبيعية والوجوديّة. ويدلّ على ذلك أيضا تلك الأمثلة التي أدخل عليها (أل) التعريف فاستحالت مطلقة.
فإذا كان «هذا السواد» معيّنا ، أصبح تعبير «السواد» مطلقا (٤) وكل هذا يدل على أثر اللغة العربية أو بالحريّ علم الأصول.
يستخدم الغزالي جملة أمثلة في دلالة الألفاظ على المعاني ، وجاء بعضها مغايرا للمعيار. وهي تبتعد عن التمثّل بمفهوم الماهيّة واندراج الجنس والنوع ، وتأخذ طابع مفردات اللغة العربية ومعاني الأمثلة الفقهيّة.
فيقدّم الغزالي أمثلة على الترادف : الليث والأسد ، والخمر والعقار.
__________________
(١) الجرجاني ، التعريفات ، ص ١٤٩.
(٢) الجرجاني ، التعريفات ، ص ١٤٩. الكفوي ، الكليات ، ص ٣٤١.
(٣) الكفوي ، الكليّات ، ص ٣٤٢.
(٤) الغزالي ، المحكّ ، ص ١١.