الخمر هي المائع الذي يقذف بالزبد ، ثم يستحيل إلى الحموضة. ويجمع من العوارض واللوازم ما يساوي حقيقة ذات الخمر.
ـ ويجيبنا عن ماهيّة الشيء وحقيقته ، ويسمّى حدا حقيقيا ، الخمر شراب معتصر من العنب (١).
وقد ركّز الإمام على التحديد الاسميّ الخاصّ باللغة العربية في المحكّ ، وحصر مكامن الغلط في الألفاظ. كما نبّه إلى ضرورة الاحتراز من «الألفاظ الغريبة والوحشية والمجازية البعيدة والمشتركة المتردّدة» (٢).
ومن ثم يجب استعمال الألفاظ المعروفة ذات النص الصريح ، وإن اعتاص الأمر فليذكر المستعار أو لترد قرينة المصرّح من المعاني. ولم ينتقل في المحكّ ، ولا في مقدّمة المستصفى ، كما سنرى ، إلى تبنّي مفهوم الحدّ اللفظيّ طريقا يفيد التعريف بالحدّ. مع العلم أن الفقهاء ونظّار المسلمين لم يعرفوا سوى الحدّ اللفظيّ ، ولم ينادوا إلاّ بالاتجاه الاسمي (٣). ومردّ هذا رفضهم الكليّات والماهيّات الأرسطويّة ، معتبرين أنّ الحقائق والمعاني الإسلامية موضوعة ، ولا يجوز تناول معان مغايرة لها.
ويمكن القول إنّ الغزالي استمرّ في كتبه المنطقيّة القريبة من الفقه وخصوصيّة اللغة العربية بعملية المزج. فقال مثلا : «اعلم أنّ من طلب المعاني من الألفاظ ، ضاع وهلك كمن استدبر المغرب وهو يطلبه. ومن قرّر المعاني أوّلا في عقله بلا لفظ ، ثمّ أتبع المعاني الألفاظ فقد اهتدى.
فلنقرّر المعاني ، فنقول : الشيء له في الوجود أربع مراتب ، الأولى حقيقة في نفسه ، الثانية ثبوت مثال حقيقة في الذهن وهو الذي يعبّر عنه بالعلم ،
__________________
(١) الغزالي ، المحكّ ، ص ٩٢.
(٢) المصدر نفسه ، ص ٩٨.
(٣) ابن تيمية ، تقي الدين ، كتاب الرد على المنطقيّين ، بمبئي ، دائرة المعارف العثمانيّة ، ١٩٤٩ ، ص ١٤ ـ ١٥.