جرى الفنّ المخصّص للواحق القياس مجرى نظيره في المعيار.
وانتخب الغزالي بعضا من الأمثلة الدينيّة والفقهيّة المحض. ففي معرض حديثه عن عدم جواز إهمال شروط تركيب الاستدلال انتقى المثال : «هذا يجب عليه الرجم وهذا يجب عليه الرجم وهذا قد زنا وهو محصّن ، فإذا يجب عليه الرجم ، ولكن ترك مقدّمة الحكم وذكر مقدّمة المحكوم عليه لأنه يراه مشهورا» (١).
واستوى الاستقراء والتمثيل ، بالشرح والتحليل ، مع ما جاء في مضمونهما بالمقاصد والمعيار. وسرت شروحهما فقهيّة الطابع. ومن الأمثلة التي ردّدها الغزالي : «قولنا في الفقه الوتر ليس بفرض (٢) لأنه يؤدّى على الراحلة ، فيقال ولم قلتم إنّ الفرض لا يؤدّى على الراحلة ، فنقول عرفنا ذلك بالاستقراء ، فإنّا رأينا القضاء (٣) والأداء (٤) والمنذور (٥) وسائر
__________________
(١) الغزالي ، المحكّ ، ص ٥٩.
(٢) الفرض ، فرضت الشيء أفرضه فرضا وفرضته للتكثير أوجبته. والفرض السنّة ، فرض رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم : أوجب وجوبا لازما ، والفرض التوقيت وكلّ واجب مؤقت ... والفرض والواجب سيّان عند الشافعي. ابن منظور ، لسان العرب ، ج ٧ ، ص ٢٠٢ ـ ٢٠٣. وفرض الصلاة وغيرها إنما هو لازم للعبد كلزوم الحزّ للقدح. المرجع نفسه ص ٢٠٥.
(٣) القضاء ، الحكم ... القاضي معناه في اللغة القاطع للأمور المحكم لها. والقضاء أيضا مرجعها إلى انقطاع الشيء وتمامه. وكلّ ما أحكم أو أتم أو ختم. المرجع نفسه ، ج ١٥ ، ص ١٨٦.
(٤) الأداء ، تأدى القوم تأديا إذا أخذوا العدّة التي تقوّيهم على الدهر .. أدّى للصلاة أي تهيّأ .. أدّيته على أفعلته .. أدّى الشيء أوصله ، والاسم الأداء وهو أدى للأمانة منه .. تأدّيت إلى فلان من حقه إذا أدّيته وقضيته. المرجع نفسه ، ج ١٤ ، ص ٢٤ ـ ٢٦.
(٥) المنذور ، النذر النحب ، وهو ما ينذره الإنسان فيجعله على نفسه نحبا واجبا. المرجع نفسه ، ج ٥ ، ص ٢٠٠.