أصناف الفرائض لا تؤدّى على الراحلة ..» (١). وأبت أقيسة الدلالة والعلّة وأبحاث الخلل في القياس أن تخالف قاعدة المعيار في القالب والإطار. ولكنها تسلّحت في المثال وأصالة المعاني (٢). وقد أضاف الغزالي جملة من الموضوعات ، فحصر فيها مدارك الأقيسة الفقهيّة ، وتحدّث عنها شارحا. فقال : «الحكم الشرعي تارة يكون مدركه أصل العلم وتارة يكون مدركه ملحق بأصل العلم .. ويكون الأصل فيه إما قول أو فعل أو إشارة أو تقدير من صاحب الشرع صلوات اللّه عليه ... وأما الملحق بالأصل فله أقسام ، وتشترك في أمر واحد وهو أنّ ضرورته حذف بعض أوصاف الأصل ... حتى يتّسع الحكم ، فإنّ اتّساع الحكم ... يزيد في الموصوف ، أي في عمومه ...» (٣).
وقبل المقارنة بين هذه المسائل والمدارك الأصوب التعرّف على دلالات اصطلاحين فقهيّين ، يتداولان ويستعملان كثيرا ، وهما : الأصل والفرع.
يقول الجرجاني عن الأصل : «هو ما يبتنى عليه غيره ...» (٤). واصطفى الغزالي الأصل في كتبه المنطقية ليعرب ، في ما يعرب فيه ، عن نوع من المقدّمات. ومن ثمّ فالأصل مقطوع بصحّته وهو أعلى أنواع اليقين. ومصدر يقينيّته متأتّ من الشرع الدينيّ والأحاديث الشريفة. والأصل جمعه أصول ، و «هو في اللغة عبارة عمّا يفتقر إليه ولا يفتقر إلى غيره ...» (٥). ويتداول الاصطلاح في الفقه وينزل بمقدّمات القياس أو بإحداها. إذ تنتظم هذه المقدّمات على شيء من الترتيب القياسيّ استنتاجا
__________________
(١) الغزالي ، المحكّ ، ص ٦٢.
(٢) المصدر نفسه ، ص ٧٣ ـ ٨٣.
(٣) المصدر نفسه ، ص ٨٤ ـ ٨٥.
(٤) الجرجاني ، التعريفات ، ص ١٨.
(٥) الجرجاني ، التعريفات ، ص ١٨.