ملحقة بالأصول فنقيس عليها. وبذلك ننتقل من حكم جزئي إلى حكم جزئي. لكنّ لهذا الردّ شروط : أهمّها أن تكون هذه المقدمة الملحقة بالأصل تتمتّع بارتباط فيه ، وحتّى نحدّد هذا الارتباط نقوم بالعملية الثانية ، وهي حذف بعض الأوصاف غير المشتركة مع الأصل. أي نجري السبر والتقسيم وهو قريب من قياس الشرطي المنفصل. وعند ما يتكلم الإمام على أوجه مصاعب الأقيسة الفقهية يذكر تلك التي لا يرد فيها أحد أطراف القياس السلجستي. فلا يرد الأصل ، أي المقدّمة الكبرى ، أو لا ترد العلّة مصرّحة ، أي يختفي الحدّ الأوسط ، إذ ينقص عدد المقدّمات أو الحدود. وربّما تعرّضنا للمعنى مباشرة ، أي للنتيجة فنستدلّ بالنتيجة على المنتج. ولبيان الرأي والشرح سنقارن عمليّة الإلحاق بالعمليّات الاستدلاليّة المنطقية ، ومن نماذجها ما تحدّث الغزالي فيه عن الإلحاق ، خلال مثاله : إذا قلنا قارب الأعرابي في رمضان ، لزمته الكفارة (١). فمن زنى كان أولى بأن تلزمه الكفارة ، لأنّ مقارفة (٢) الأهل حلال ، خلافا لمباشرة الأجنبي. وهكذا يردّ مباشرة الأهل إلى الزنى ، فيقيس حالة جزئية على حال أخرى ، ثم يحذف أوجه الاختلاف بين الحالين. فالذي يحذف مقاربة الأهل وتبقى الكفارة لازمة. ويرى الإمام أنّ مقارفة الأهل أولى بالإسقاط والحذف من وجوب الكفارة. ويبقى في حال القياس السابق الردّ إلى العلّة المشتركة بوجوب التكفير لارتكاب المحرميّة في رمضان. وبهذا يبقي الغزالي العلّة المشتركة ، مثلما ثبت في شروحه السابقة الأصل ، من دون حذف أي جزء منه (٣). ومن أمثلته على الجهل بالعلّة وضرورة إدراكها وذكرها تأمينا
__________________
(١) الكفارة ، الكفّار ، الزرّاع ، تقول العرب للزرّاع كافرا لأنه يكفر البذر المبذور بتراب الأرض .. ما كفّر به من صدقة أو صوم أو نحو ذلك ، كأنه غطّى عليه بالكفارة. وتكفير اليمين فعل ما ، يجب بالحنث فيها. والاسم الكفارة .. وسمّيت الكفّارات لأنها تكفّر الذنوب ، أي تسترها مثل كفّارة الإيمان .. ابن منظور ، لسان العرب ، ج ٥ ، ص ١٤٦ ـ ١٤٨.
(٢) مقارفة بمعنى المقاربة والجماع.
(٣) الغزالي ، المحكّ ، ص ٨٨.