الفصل الثاني
في النظر في المعاني المفردة
ولنقتصر فيه على ثلاث تقسيمات جلية :
التقسيم الأول : إن المعاني التي يدلّ عليها بالألفاظ إذا نسب بعضها إلى بعض وجد إما مساويا لها وإما أعم منها وإما أخصّ منها ، وهذا ممّا يحتاج إلى معرفته في القياس. فإذا نسبت الجسم إلى المتحيّز وجدته مساويا لا يزيد ولا ينقص ، إذ كل جسم متحيّز وكل متحيّز جسم ، هذا على رأي من يقول إن كل متحيّز منقسم. وأما نحن فننسب التحيّز إلى الجوهر فنرى التحيّز مساويا له. وأما إذا نسبنا الوجود إلى الجسم وجدناه أعم منه ، فربّ موجود ليس بجسم. وأما إذا نسبنا الحركة إلى الجسم وجدناها أخص منه ، فربّ جسم ليس بمتحرك بالفعل كالأرض عند عدم الزلزلة.
التقسيم الثاني : المعنى إذا نسب إلى المعنى وجدناه إما ذاتيا له ويسمّى صفة النفس وإما لازما ويسمّى وصفا لازما وإما عارضا له لا يبعد أن ينفصل عنه في الوجود. ولا بدّ من إتقان هذه النسبة فإنها نافعة في القياس والحد جميعا.
أما الذاتي : فإني أعني به كل شيء داخل في حقيقة الشيء وماهيته دخولا لا يتصور فهم المعنى دون فهمه ، وذلك كاللونية للسواد وكالجسمية في الفرس والشجر. فإن من فهم الشجر فقد فهم جسما مخصوصا. فتكون الجسمية داخلة في ذات الشجرية دخولا به قوامها في الوجود والعقل على