الفصل الثالث
من فن السوابق في أحكام السوابق
المعاني المؤلّفة تأليفا يتطرق إليه التصديق والتكذيب
كقولنا مثلا العالم حادث والبارئ تعالى قديم ، فإن هذا يرجع إلى تأليف القوة المفكرة بين معرفتين لذاتين مفردين ونسبة أحدهما إلى الآخر بالإثبات ، فإن قلت العالم ليس بقديم والباري ليس بحادث كانت النسبة نسبة النفي. وقد التئم هذا القول من جزءين يسمّي النحويون أحدهما مبتدأ والآخر خبرا ، ويسمّي المتكلمون أحدهما موصوفا والآخر صفة ، ويسمّي الفقهاء أحدهما حكما والآخر محكوما عليه ، ويسمّي المنطقيون أحدهما موضوعا وهو المخبر عنه والآخر محمولا وهو الخبر ، ولنصطلح نحن على تسمية الفقهاء فنسمّيهما حكما ومحكوما عليه ولنسمّ مجموع الحكم والمحكوم عليه قضية ولنسميهما إذا استعملناهما في سياق قياس مقدمة ، فإذا استفدناهما من قياس نتيجة. وما دام غير مستنتج من القياس دعوى إن كان لنا خصم ومطلوبا إن لم يكن لنا خصم. فإن هذه الاصطلاحات إذا لم تتحرر اختبطت المخاطبات والتعليمات بل ربما اضطرب الفكر على الناظر المنفرد بنفسه. فإن فكر الناظر أيضا لا ينتظم إلا بألفاظ وآمال يرتّبها في نفسه. ولنذكر من أحكام القضايا وأقسامها ما يليق بهذا الإيجاز ويتّضح الغرض بتفصيلات أربعة :