والإثبات ، فإن كانتا مثبتتين لم ينتجا لأن حاصل هذا النظم يرجع إلى الحكم بشيء واحد على شيئين وليس من ضرورة كل شيئين يحكم عليهما بشيء واحد أن يخبر بأحدهما عن الآخر ، فإنا نحكم على السواد والبياض جميعا باللونية ولا يلزم أن يخبر عن السواد بأنه بياض ولا عن البياض بأنه سواد ، ونظم القياس فيه أن يقال كل سواد لون وكل بياض لون فكل سواد بياض أو كل بياض سواد واللون هو المتكرّر وقد جعل خبرا في المقدمتين ، ولم ينتج بين المعنيين لا اتصالا ولا انفصالا ، نعم كل شيئين أخبر عن أحدهما بما يخبر عن الآخر بنفيه يجب أن يكون بينهما انفصال وهو النفي ، وبرهانه عكس المقدمة النافية ليعود إلى النظم الأول.
النظم الثالث : أن تكون العلة مبتدأ في المقدمتين جميعا. فهذا إذا جمع شروطه كان منتجا ، ولكن نتيجة خاصة لا عامة ، مثاله كل سواد عرض وكل سواد لون فيلزم منه أن بعض العرض لون ، وكذلك إذا قلت كل بر مطعوم وكل بر ربوي فيلزم منه بالضرورة أن بعض المطعوم ربوي. وبيان وجه دلالته ولزوم النتيجة منه بالإجمال أن الربوي والمطعوم حكمنا بهما على شيء واحد وهو البر فيلزم بالضرورة بينهما التقاء ، وأقل درجات الالتقاء أن يوجب حكما خاصا وإن لم يكن عاما فأمكن أن يقال بعض المطعوم ربوي حكما خاصا ، وإن لم يكن عاما وبعض الربوي مطعوم ، وإن لم يمكن أن يقال بمجرد هذا كل واحد مطعوم ربوي أو كل ربوي مطعوم. وأما تفصيل تفهيمه فهو بأن تعكس المقدمة التي ذكرناها أولا وهو قولنا كل بر مطعوم ، وقد ذكرنا أن المثبتة العامة تنعكس مثبتة خاصة ، فإن صدق قولنا كل بر مطعوم صدق قولنا بعض المطعوم بر فتبقى المقدمة الثانية ، وهو أن كل بر ربوي ويرجع إلى النظم الأول ، إذ يصير المطعوم الذي هو المتكرر مبتدأ في إحدى المقدمتين خبرا في الأخرى ، وشرط الإنتاج في هذا النظم أن تكون المقدمة الأولى التي فيها المحكوم عليه مثبتة ولا تكون نافية كما شرطنا ذلك في النظم الأول ، فإن كانت نافية لم تلزم