فقد ذكر صاحب الجواهر عن المختلف أو الدروس فقال : « والاقرب الصحة ولزوم الأقل ... فالزيادة ربا ؛ ولأجلها ورد النهي ، وهو غير مانع من صحة البيع » (١).
وهذا القول هو الذي احتمله الفاضل في المختلف ، إذ قال : « ويمكن أن يقال انه رضي بالأقل فليس له الأكثر في البعيد وإلاّ لزم الربا ، إذ تبقى الزيادة في مقابلة تأخير الثمن لا غير ... » (٢).
وعلى هذا القول يمكن أن يختلف الحكم في البيع عن الاجارة ، بأن تكون هذه الصورة في البيع محرمة لوجود الربا ، وغير محرمة في الاجارة لعدم وجود الربا ، ولكنّها صحيحة في الصورتين إذا تمكّنا من إزالة اشكال الجهالة في أصل الثمنية والاُجرة. بقولنا : إنّها لا تضر لأن العلم بأحد البيعين معلوم بعد العقد مباشرة ، أو نقول : بأنّ هذه الجهالة وان كانت موجودة لكنّها لا تضر بصحة العقد لأنّها لا تجرّ إلى التنازع ، فتكون الجهالة والضرر المبطل للبيع أو الاجارة هو في خصوص ما إذا كانت الجهالة بطبعها تؤدي إلى التنازع.
على أننا لو اخترنا القول الأول القائل ببطلان المعاملة فيما إذا قال : بعته نقداً بكذا وبنسيئة بأكثر منه للجهالة والغرر فيمكننا أن نقول بصحة الاجارة فيما إذا قال : إن خطته اليوم فلك درهم وإن خطته غداً فلك نصف درهم ، وذلك لإمكان أن يكون الدرهم ونصف الدرهم على الخياطة اليوم أو غداً جعالة لا اجارة ، والجعل لا يعتبر فيه المعلومية ، أو نقول بالفرق بين الاجارة والبيع بأنّ العمل الذي يستحقّ به الاُجرة لا يمكن وقوعه إلاّ على أحد الصفقتين فتتعيّن الأجرة المسماة عوضاً له ، فلا يقتضي التنازع ، بخلاف البيع الذي يمكن أن يقبل المشتري في نيّته
__________________
(١) جواهر الكلام : ج ٢٣ ، ص ١٠٤.
(٢) المصدر السابق.