قوم خيانةً فانبذ اليهم على سواء إنّ الله لا يحب الخائنين ) (١) ، والخوف هنا بمعنى اليقين بالنبذ من ظهور أماراته الكاشفة عنه مثل قوله تعالى : ( واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع ) (٢).
وما هذه المعاهدات التي تحصل بين الدول الإسلامية أو غيرها إلاّ كنموذج ومصداق للمعاهدات النبوية مع المشركين ، لذا فهي تقتضي عرفاً وقانوناً الالتزام بما نصّت عليه المعاهدة فيما إذا لم تكن مخالفة للقوانين الإسلامية وذلك لقاعدة « المسلمون عند شروطهم إلاّ شرطاً خالف كتاب الله تعالى أو إلاّ شرطاً حرم حلالا أو حلّل حراماً ».
ونحن لا نرى أي ملزم للمسلمين في عهد النبي صلىاللهعليهوآله في الالتزام بالقرارات الواقعة بينهم إلاّ التعاهد ، وهذا هو معنى وجوب الوفاء بالوعد إذا كان بمعنى العهد.
وإذا كان معنى الوعد هو العهد بواسطة قرائن الأحوال فيجب الوفاء به كما تقدّم.
ولعلّه لهذا كان المشركون يتحرزون من قول : « لا إله إلاّ الله » حينما كان الرسول صلىاللهعليهوآله يقول لهم : « قولوا لا إله إلاّ الله تفلحوا ».
لقد وردت النصوص (٣) الشرعية الدالّة على إلزامية الوعد الذي بمعنى الالتزام والتعهد :
١ ـ روايات جعلت مخالفة العهد والوعد من خصال النفاق ، فقد قال
__________________
(١) الأنفال : ٥٨.
(٢) النساء : ٣٤ ، وراجع تفسير القرطبي : ج ٥ ، ص ١٧٠ ، وتفسير الميزان : ج ٤ ، ص ٣٤٥.
(٣) وبما أن هذه النصوص متواترة ـ ولو معنىً ـ فلا حاجة إلى البحث في سندها ، حيث إنّنا نقطع بصدورها من المشرِّع الأقدس فهي حجّة بمضمونها الضيّق.