« ثم تلبّي وأنت مارٌّ إلى عرفات ، فإذا ارتقيت إلى عرفات فاضرب خباءَك بنَمِرَة ، فإنَّ فيها ضَرَب رسول الله صلىاللهعليهوآله خباءه وقبّته ، فإذا زالت الشمس يوم عَرَفَة فاقطع التلبية ، وعليك بالتهليل والتحميد والثناء على الله ... ثمّ قال : إيّاك أن تفيض منها قبل غروب الشمس ... ».
وقال ابن بابويه في الفقيه : « فإذا أتيت إلى عرفات فاضرب خباءَك بنَمِرَة قريباً من المسجد ، فإن ثمَّ ضرب رسول الله صلىاللهعليهوآله خباءه وقبّته ... ».
وفي المقنعة : « ثمّ لِيُلَبّ وهو غاد إلى عرفات ، فإذا أتاها ضرب خباءه بنَمِرة قريباً من المسجد ، فإنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله ضرب قبّته هناك ... » (١).
وقد ذكر عن بعض الحنفيّة : أنّه قيل : حدّ عرفات ما بين الجبل المشرف على بطن عرنة إلى الجبال المقابلة لعرنة ممّا يلي حوائط بني عامر وطريق الحضّ.
وعن الأزرقي : عن ابن عبّاس : أنّ حدّ عرفات من الجبل المشرف على بطن عرنة ـ بالنون ـ إلى جبال عرفات إلى وصيق إلى ملتقى وصيق ووادي عرنة.
وعن بعضهم : أنّ مقدّم مسجد إبراهيم عليهالسلام أوّله ليس من عُرَنَة ، ومقتضاه أنّ ما عدا الأوّل من عرفات ، فيمكن أن تكون صلاة النبيّ صلىاللهعليهوآله فيما كان منه من عرفات ، ويشهد لذلك ما يُحكى عنهم من الجواب لأبي يوسف ( عن إشكاله بمنافاة الصلاة للوقوف من أوّل الوقت إلى الزوال ) بأنّه لا منافاة ، فإنّ المصليّ واقف. وهذا كالصريح في كَون المسجد من عرفة. وقد تقدّم منّا عن الرافعي الجزم بذلك مع شدّة تحقيقه واطّلاعه (٢).
أقول : إذا أخذنا بهذه القرائن على أنّ نَمِرَة التي فيها المسجد الذي يُقال عنه : إنّه مسجد إبراهيم ، وقُلنا : إنّ النبيّ صلىاللهعليهوآله قد صلّى فيه الظهر والعصر جمعاً فيجب أن
__________________
(١) جواهر الكلام : ج ١٩ ، ص ٢٠ و ٢٣ ـ ٢٤.
(٢) المصدر السابق : ص ٢٦ ، ٢٧.