نفسّر الروايات القائلة بذهاب النبيّ صلىاللهعليهوآله إلى الموقف بعد الصلاة بإرادة موقف الدعاء في ميسرة الجبل الذي يُستحبّ فيه الوقوف أو التشاغل بما يقتضيه من الدعاء والتحميد والتمجيد والتهليل والتكبير لنفسه ولغيره ممّا جاءت به النصوص في ذلك الموقف.
والتحقيق : أنّ هذه القرائن كلّها لا تقف في وجه الروايات القائلة بأنّ الوقوف في نَمِرَة ـ التي هي بطن عرنة ـ لا يجزي.
ولا بأس بالتنبيه في آخر كلامنا عن نَمِرَة ، بأنّ في حدود عرفات يوجد جبل اسمه ( جبل نَمِرَة ) وهو غير قرية نَمِرَة التي هي بطن عرنة ، وإنّما عرّفه البلادي : « بأنّه جبلٌ صغير بارز تراه غربك وأنت واقفٌ بعرفة بينك وبينه سيل وادي عرنة ، وإذا كنت تؤمّ عرفة عن طريق ضبّ تمرّ بسفحه الشمالي » (١).
وهذا الجبل خارج عن حدود عرفة كما هو واضح.
عُرَنة : بضمّ العين المُهملة وفتح الراء المهملة وفتح النون ـ هي وادي ما بين عرفات والحرم عرضاً ، وهو حدّ عرفات من الناحية الغربيّة ، حيث يبتدئ من الجهة الشماليّة من مُلتقى وادي وصيق بوادي عُرَنَة ، وينتهي من الجهة الجنوبيّة عندما يُحاذي أوّل سفح الجبل الواقع بين طريق المأزمين وطريق ضبّ ، والذي بطرفه الشمالي قرية نَمِرَة من الجهة الشرقيّة غربيّ الواقف هناك وغربيّ سفح الجبال التي في منتهى عَرَفَة من الجهة الجنوبيّة الشرقيّة بخطٍّ مستقيم ، وقد قُدِّرت المسافة بين وصيق بوادي عُرَنَة من الجهة الشماليّة إلى مُنتهاه من الجهة الجنوبيّة بخمسة آلاف متر (٢).
وبين وادي عُرَنَة المذكور وبين الموقف عَلَمان كبيران يقعان شمالي شرقي
__________________
(١) معجم معالم الحجاز : ج ٩ ، ص ٩٢.
(٢) جاء ذلك في قرار اللجنة الحكومية السعوديّة المنشور في مجلّة العرب السعودية : ج ٥ ، السنة السادسة ، ١٩٧٢ م ، من الصفحات ٣٧٥ ـ ٣٨٤ ، تحت عنوان : تحديد عرفات ، عن هداية الناسكين : ص ١٧٢.