إلاّ لأنّ هذه الأوراق النقديّة هي أموال اعتبارية تحمل قيمة شرائية ونحن لم نأخذ منه إلاّ الأوراق الاعتبارية فيجب ارجاعها بنفسها ، وأما القوة الشرائية فهو أمر معنوي تحمله الأوراق النقدية فلا يجب ارجاعه لأنّه ليس قيمة حقيقية ، وبعبارة اُخرى أنَّ الأوراق النقدية أصبحت أموالاً بالاعتبار ، بمعنى أنَّ قيمتها متقومة به فهي كالسلع ولكنها تحمل قيمة اعتبارية لا حقيقية ، فلا يجب ارجاعٌ إلاّ النقد الورقي ، لا قيمته الشرائية.
على أن هذا التكييف مشترك بين زيادة التورم ونقيصته ، فيجب أن يلتزم من يقول به بدفع الأقل ممّا أخذه لو انخفض التورم ، ولا يلتزم بهذا أحد ، ممّا يكشف على أن القوة الشرائية ليست هي المنظورة حين تسلّم النقد الورقي.
ثم إن الضمان إذا كان للنقد الورقي عرفاً ، وليست القوة الشرائية مضمونة ـ لما قلناه ـ فيكون ارجاع القوة الشرائية على أنَّ الآخذ مسؤول عنها بالعقد من باب أكل المال بالباطل ، حيث لا يستحقها الطرف الآخر ، وعلى هذا سوف يكون اشتراطها بالعقد غير جائز أيضاً.
هذا وقد يقال : بأنّ صحة هذا الضمان يؤدّي الى حلية الربا القرضي ، ولكنه قول باطل حيث اننا إذا قلنا بصحة هذا الضمان فتقيد ادلّة حرمة الربا في صورة ارجاع العين مع الزيادة مع عدم تنزل القيمة السوقية أو مع ارتفاعها.
وخلاصته أنَّ النقد بأقسامه ( الذهب والفضة والاوراق النقدية ) هي أموال ( حقيقة أو اعتباراً ) وهذه الأموال مثلية ، وتكون قوتها الشرائية من صفات المثل ، فلابدّ من الاحتفاظ بها لدى الأداء ، ولذا يجب ارجاع مبلغ أكبر لدى ضعف القوة الشرائية في وقت الأداء بواسطة التورم.
وهذا الوجه يختلف عن سابقه الذي كيّف الزيادة عند شدة التورم والنقيصة