نعم ، إنّ تضمين المنفعة الاستعمالية في مثال الغصب كان له سبب خاص وهو الحيلولة بين المالك وبين ما كان يقدر عليه من الانتفاع بثلجه في الصيف ، وهو ما يسمى بالاضرار بمالك الثلج ، بينما هذا الاضرار ( الحيلولة ) لم يوجد في مثال اقدام المالك على الإقراض على أن يُرجع في الشتاء ، لأنَّ الاضرار هو المنع عن الانتفاع بالشيء رغم الحاجة إليه. اذن نتمكن من التفصيل بين مَنْ غصب سلعة أو مالاً (١) وأرجعه بعد مدّة الى صاحبه وقد تنزلت قوته الشرائية والتبادلية نتيجة لزيادة التضخم ، وبين استعارة السلعة أو المال أو الاقراض أو الاجارة ، وقد اُرجعت السلعة أو اُرجع المال ( الورق النقدي ) وقد تنزلت القيمة السوقية أو الشرائية نتيجة لزيادة التضخم ، ففي الصورة الأولى يجب على الغاصب ارجاع ما يناسب التورم بالاضافة الى ارجاع نفس العين ، وذلك لأنّه منع المالك من الانتفاع بعينه رغم حاجته إليه ، فقد اضرّه ضرراً يحكم الارتكاز العقلائي بتداركه ، بالاضافة الى قاعدة نفي الضرر.
أمّا في الصورة الثانية فلا يجب إلاّ ارجاع نفس العين التي دخلت في الضمان وأوصافها الذاتية الدخيلة في المثلية.
أمّا القوة الشرائية والتبادلية فهي ليست مضمونة هنا لأنّها ليست اوصافاً ذاتية دخيلة في المثلية ، ولم يكن هنا أي اضرار بالمالك حتى نقول بوجوب التدارك بالارتكاز العقلائي أو بقاعدة نفي الضرر.
إنّ السلطة المعتبِرة للاوراق النقدية إذا أدخلت من نقدها مبلغاً كبيراً الى
__________________
(١) ان هذا التفصيل لا يفرق فيه بين السلع والأوراق المالية الاعتبارية لأنَّ منفعته السوقية هي المنفعة الاستعمالية عرفاً.