إليه في حالة عدم قيام دليل في المسألة ـ يؤدّي إلى نفس نتيجة ما ادّى إليه الدليل ، حيث إنّ ادلة البراءة عن حرمة الأكل في ما نحن فيه جارية ، فيحلّ الأكل كما تجري قاعدة الطهارة أيضاً ، كما قرر ذلك في الشبهة الموضوعية (١).
إشكال : لقد قرّر المشهور من علماء الإمامية أنّ الشبهة الموضوعية المحكومة بالحلية والطهارة إنّما تجري فيما إذا لم يكن أصل موضوعي يقتضي الحرمة ، أمّا في موردنا فتوجد اصالة عدم التذكية التي تقتضي حرمة اللحم ونجاسته على المشهور ، فيحكم على أصالة الإباحة ويتقدّم عليه.
والجواب : لقد ذكر السيد السبزواري قدسسره في مهذب الأحكام فقال : « إنّ أصالة عدم التذكية لا تجري في المقام : إمّا للعلم الإجمالي بانتقاض الحالة السابقة وهي عدم الذبح ، أو لما تقدّم من الأخبار في جواز الأكل » (٢).
وإذا لم تجر اصالة عدم التذكية فتبقى اصالة البراءة تقتضي عدم حرمة الأكل فيما نحن فيه.
ولكن نقول : إذا استندنا إلى الأخبار في تكميل البراءة فلا حاجة إلى الأصل العملي حينئذ ، لعدم الشك في التذكية.
وأمّا إذا غضضنا النظر عن الأخبار ولم تجر اصالة عدم التذكية للعلم الاجمالي بانتقاض الحالة السابقة ـ كما قرره السيد السبزواري ـ فتجزي اصالة الإباحة بلا مانع ، لعدم جريان اصالة عدم التذكية.
ولكن الصحيح والمشهور أنّ اصالة عدم التذكية تجري وتتقدّم على أصالة الإباحة ، وذلك لأنّ الشارع المقدّس حرّم علينا ( الميتة والدم ... إلاّ ما ذكيتم ) (٣) ،
__________________
(١) فرائد الاُصول : ج ١ ، ص ٣٦٨ ـ ٣٧٠.
(٢) مهذب الأحكام : ج ٥ ، ص ٢٧٦.
(٣) المائدة : ٣.