وحينئذ يكون الأصل في الحيوان عدم التذكية ، إلاّ أنّ تثبت تذكيته بأمارة معتبرة ، لأنّ التذكية أمر وجودي ، سواء كانت عبارةً عن الأفعال المخصوصة (٢) ، أو شيئاً بسيطاً حاصلاً منها ، فيستصحب عدمها عند الشك فيها ، وهو معنى اصالة عدم التذكية.
لا حاجة للبحث عن حكم اللحوم المستورَدة من البلاد الإسلامية التي تكون لحومهم بأيديهم يتصرفون فيها ويستعملونها في ما يشترط فيه الطهارة ، حيث يكون الحكم هو حلية الأكل كما هو واضح. إنّما الكلام في اللحوم المستورَدة من بلاد الكفر ( الذي يكون كل أهلها أو أكثرهم كفاراً ) وهذا البحث يشمل حكم اللحوم التي تكون بيد الكفار أو أرضهم أيضاً.
أقول : إنّ الأصل الذي هو عدم التذكية ـ حيث إنّ التذكية أمر وجودي كما تقدّم فإذا شككنا في حصوله فالأصل عدمه ـ محكّمٌ هنا بلا إشكال ، وهو يقتضي بطلان المعاملة عليها إذا لم يكن لها منفعة محلّلة غير الأكل ، وحرمة أكلها واستعمالها ونجاستها على المشهور ، وبما أنّه لا توجد هنا أمارة تتقدّم على هذا الأصل ـ كيد المسلم مثلاً ـ فيبقى أصل عدم التذكية محكّماً ، وهو يقتضي حرمة الأكل وعدم جواز الصلاة في الجلد المستورد ونجاستها على المشهور ، حيث نكون قد عرفنا الحرام من جهة الأصل.
بل توجد بعض الروايات التي يستفاد منها الحكم بعدم التذكية المعاضد للأصل مثل :
__________________
(١) من فري الأوداج مع التسمية ، واسلام الذابح ، وخروج الدم بالصورة المتعارفة مع التوجّه بالذبيحة إلى القبلة ، وغيرها ممّا اشترطه الشارع المقدّس.