والقصد من ذلك : أنّه إذا أخصب منويّ ناضج بيضةً ناضجةً باختراق جدارها السميك تُمِّمت نواتاهما إلى نواة واحدة ذات ثلاثة وعشرين زوجاً لا فرداً ، أي صارت النواة مشتملة على (٤٦) من الأجسام الصبغية كما هي سائر خلايا جسم الإنسان ، فكأنّ المنيّ مع البويضة نصفان التحما إلى خلية واحدة هي البيضة الملقّحة ، وهي أول مراحل الجنين.
خصوصية البيضة الملقّحة : وهناك خصوصية للبيضة الملقّحة تنفرد بها دون سائر خلايا الجسم. وسرّ هذه الخصوصية مركوز في السائل الخلوي ( السيتوبلازم ) الذي يحيط بالنواة ، إذ بينما تتكاثر خلايا الجسم إلى أجيال لا نهاية لها من الخلايا المتماثلة فإنّ البيضة الملقّحة تشرع في الانقسام إلى خلايا متماثلة لعدد محدود من الأجيال ، فما تكاد تفضي إلى كتلة من اثنين وثلاثين خليّة (١) حتى تتفرّع خلايا الأجيال التالية إلى اتّجاهات وتخصّصات شتّى ذات وظائف متباينة ، وتتخلّق إلى خلايا الجلد والأعصاب والأمعاء وغيرها ، أي ينحو إلى تكوين جنين ذي أنسجة وأعضاء مختلفة ومتباينة رغم أنّها لا زالت تشبه خلايا الاُمّ التي ينشق الشريط الكروموزومي إلى نصفين يكمل كلّ منهما نفسه ، ولكنّ طوائف من
__________________
زوجها ) الزمر : ٦ ، وهذا خطاب لكلّ البشر ، حيث قال الله تعالى لهم : لقد خلقت هذا النوع من البشر وكثّرت أفراده من نفس واحدة ( الزوج ، أو آدم أبو البشر وزوجها الذي هو الاُنثى ) مثلاً ، فقد قال الراغب : الزوج يقال لكلّ واحد من الفريقين من الذكر والاُنثى من الحيوانات المتزاوجة. وقد قال تعالى : ( ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها ) الروم : ٢١ ، أي خلق لأجلكم من جنسكم قرائن ؛ لأنّ كلّ واحد من الرجل والمرأة مجهّز بجهاز تناسليٍّ يتمّ فعله بمقارنة الآخر ، فكلّ واحد منهما ناقص في نفسه مفتقر إلى الآخر ، ويحصل من المجموع واحد تامّ له أن يلد وينسل. ولهذا النقص والافتقار يتحرّك الواحد منهما إلى الآخر ، حتى إذا اتّصل به سكن إليه. راجع تفسير الميزان للسيد الطباطبائي : ج ١٦ ، ص ١٦٦.
(١) ذكر بعض الأطباء المتخصّصين في علم الوراثة بأنّ البيضة الملقّحة تشرع في الانقسام إلى خلايا متماثلة حتى تبلغ (١٢٨) خلية ، ثمّ تتفرّع الخلايا إلى اتّجاهات وتخصّصات شتّى.