إبراهيم القديم الذي يكون في نَمِرَة ؟
فإن قلنا : إنّها خارجةٌ من عرفات ـ كما هو ظاهر الروايات التي شرحت لنا حجّ النبيّ صلىاللهعليهوآله ، وكذا بقيّة الروايات التي أخرجت نَمِرَة عن حدود عرفات ـ تواجهنا مشكلة أنّ الوقوف في عُرَنَة ليس من الزوال إلى الغروب.
وإن قلنا : إنّ نَمِرَة من عرفات ـ كما هو رأي يقال ـ تخلّصنا من هذه المشكلة ، ولكن تبقى مشكلة ثانية ، وهي مخالفة ظاهر الروايات ، بل صريح بعضها ، وأقوال أهل الخبرة الذين حدّدوا عرفات بإخراج نَمِرَة من عرفات ؛ لأنّها بطن وادي عُرَنَة ، وهذا الوادي كلُّه حدّ عرفات من جهة الغرب ، وقد صرّحت الروايات بالارتفاع عنه.
أقول : ألا نحتمل وجود منطقة في داخل عرفات كانت تسمّى نَمِرَة قد صلّى النبي صلىاللهعليهوآله فيها ووضع رحله ؟ وأمّا قرية نَمِرَة التي هي بطن عُرَنَة فهي خارجةٌ عن حدّ عرفات ، فإن ثبت ذلك انحلّت مشكلة عدم وجوب الوقوف من أوّل الزوال إلى الغروب في عُرَنَة. ويكون حكاية حجّ النبيّ صلىاللهعليهوآله مطابقة لوجوب الوقوف في عرفة من أوّل الزوال إلى الغروب ، وأمّا الموقف الذي يُذكر في الروايات فالمراد به الوقوف في سفح الجبل الذي يستحبّ فيه الدعاء والوقوف.
وإن لم يثبت ذلك فلابدّ من القول بعدم وجوب الوقوف من الزوال إلى الغروب ، بل الواجب هو الوقوف بعد الظهر بساعة إلى الغروب.
وأمّا بالنسبة للمزدلفة فلا يوجد خلاف في حدودها ، وقد وقع تعيين هذه الحدود طبقاً لما قرّره الشارع المقدّس بين المأزمين ووادي محسِّر ، وأمّا التحديد العرضي فهو الجبلان المطلاّن عليها من الجبهة الشماليّة والجنوبيّة.
وأمّا مِنى فأيضاً لا يوجد خلاف في حدّها الذي هو من وادي محسِّر إلى العقبة طولا وما بين الجبلين المطلّين عليها عرضاً ، وقد تعرّضنا لمشكلة الذبح التي هي مشكلة معاصرة ؛ لوجود المذابح خارج مِنى ، والحكومة السعودية تمنع من الذبح في مِنى ، وأوجدنا حلاًّ قد يكون مقبولاً من الناحية الفنّيّة.