إنّ الفتوى المتقدّمة بحلّية عملية الاستتئام والاستنساخ بالصورة المتقدّمة لابدّ من تقييدها بعدم الضرر ، كما هي مقيّدة في صورة الاستتئام ، ولكن لما كانت بعض المضار لا تظهر قبل مرور وقت طويل فلابدّ من عدم التسرع قبل التثبت والتأكد قدر الاستطاعة من عدم الضرر عند العامل لعملية الاستتئام والاستنساخ البشري ، ولهذا قد نرى الارشاد لإجراء التجارب على الحيوان لاستنساخه أو استتئامه ، فإن سلِم من التبعات والأضرار وتأكّدنا من عدم الإضرار لو طبِّق على الإنسان فنجيز ذلك بصورة لا تؤدّي إلى الإخلال بالنظام « ولا ينبغي أن تنسى الانسانية درسها الكبير بالأمس القريب في مجال انشطار الذرة ، إذ ظهر لها بعد حين من الأضرار الجسيمة ما لم يكن معلوماً ومتوقعاً » إذن لابدّ من أن يستمر ترصد نتائج التجارب النباتية والحيوانية لزمن طويل لنأمن من الاضرار والتبعات ، فإن حصل لنا قطع بعدم الاضرار بتطبيقها على الإنسان فنسمح بذلك بصورة لا تؤدي إلى الاخلال بالنظام ، والله العالم.
إن الله تعالى صرّح في كتابه الكريم بأنّه بدأ خلق الإنسان من سلالة من طين ، ثم جعل نسله من ماء مهين ( وهي الحيامن الذكرية ) فقال تعالى : ( ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين * ثمّ جعلناه نطفةً في قرار مكين * ثمّ خلقنا النطفةَ علقةً فخلقنا العلقةَ مضغةً فخلقنا المضغةَ عظاماً فكسونا العظام لحماً ثمّ أنشأناه خلقاً آخرَ فتبارك اللهُ أحسنُ الخالقين ) (١).
أقول : إذا كان مراد هذه الآية وأمثالها ـ التي هي في صدد خلقة الإنسان
__________________
(١) المؤمنون : ١٢ ـ ١٤.