فقد عرفنا من الشريعة أنَّها اوجبت غض البصر عن المحارم إلاّ في صورة الضرورة إلى ذلك فيقتصر عليها ، وإذا تمكّن للطبيب علاج مريضه بدون نظر ، بل يكتفي بما يسمعه من كلام مريضه فيقتصر عليه ، وإذا حكمت الضرورة للنظر المحارم فلا يجوز اللمس ، وإذا اضطر إلى اللمس القليل فلا يجوز له اللمس الكثير.
إنّ الروايات الكثيرة التي تؤكّد على عدم تناول الدواء ما احتمل البدن الداء أو مع عدم الحاجة إلى الدواء (١) هي كافية في الاستدلال على هذا الأمر. وقد ورد عن الإمام الكاظم عليهالسلام قوله : « ادفعوا معالجة الأطباء ما اندفع الداء عنكم فإنّه بمنزلة البناء قليله يجرّ إلى كثيره » (٢). وقد ورد في بعض النصوص : « ليس فيما أصلح البدن اسراف ، إنّما الاسراف فيما أتلف المال وأضرّ البدن » (٣) ( ٤).
والخلاصة : أنّ المسؤولية التي تجب على الطبيب هي عبارة عن مزاولة عمله بصورة جيدة ، ومخالفة هذه المسؤولية يكون عند تحقّق شرطين :
أحدهما : وجود الأذى والضرر بالمريض.
وثانيهما : وجود صلة بين الضرر الحاصل والخطأ الذي وقع فيه الطبيب ، ولم يكن له حقّ للوقوع بهذا الخطأ.
__________________
(١) وسائل الشيعة : ج ٢ ، ب ٤ من الاحتضار ، أحاديث الباب.
(٢) البحار : ج ٨١ ، ص ٢٠٧.
(٣) الكافي : ج ٦ ، ص ٤٩٩ ، الوسائل : ج ١ ، ص ٣٩٧ و ٣٩٨ وغيرهما.
(٤) لخّصنا بحث « مسؤولية الطبيب » مع تصرفات فيه من كتاب الآداب الطبية في الإسلام ، للسيد جعفر مرتضى العاملي من ص ١١٠ ـ ١٢٢.