ولكن لا ننسى أن هذا الجواز ـ الذي هو عبارة عن عدم الاقتضاء للمنع ـ قد يؤدّي في حالات معينة إلى التأثير في عقيدة المسلم أو سلوكه ، أو يوجب مودّة للكافرين ، وقد أمر الله تعالى بمودّة المؤمنين دون الكافرين ، قال تعالى : ( لا تجدُ قوماً يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادّون من حادّ اللهَ ورسولَه ولو كانوا آباءَهم أو أبناءَهم أو إخوانهم أو عشيرتهم أولئك كتب في قلوبهم الإيمان وأيّدهم بروح منه ويدخلهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها رضي الله عنهم ورضوا عنه اُولئك حزبُ الله ألا إنّ حِزبَ الله هم الملفحون ) (١).
فإذا حصلت هذه الحالة ـ وهي مودّة الكافرين من هذه المعالجة ـ فيقدم المنع على الجواز ؛ لأنّ المنع اقتضائي والجواز لا اقتضائي.
نعم ، إذا اضطر الإنسان إلى المعالجة عند غير المسلم وكان مع هذه المعالجة مودّة لهم ، فنحكّم قانون التزاحم هنا فنقدم أهم الأمرين.
هل يمكن أن تقوم نقابة الأطبّاء أو شركة التأمين بدور العاقلة ؟
ممّا لا إشكال فيه أنّ الذي أقدم على جناية خطئيّة محضة عليه الدية والكفارة ، كما ذكرت ذلك الآية القرآنية ( ومَنْ قتل مؤمناً خطأً فتحرير رقبة مؤمنة أو دية مسلّمة إلى أهله ... ) (٢).
ولكن جاءت الروايات الكثيرة والصحيحة تذكر لنا حكماً تكليفياً محضاً ، مفاده : أن العاقلة يجب عليها في هذه الصورة تحمّل الدية.
نقول : إنّ هذا التكليف في دفع الدية على العاقلة هو نوع تكليف شرعي
__________________
(١) المجادلة : ٢٢.
(٢) النساء : ٩٢.