وحرمة استعمال النجس ، وبما أنّ وجوب حفظ النفس أهم من حرمة استعمال النجس فقد جُوِّز استعمال النجس لأجل حفظ النفس من الموت طبقاً لقانون تقديم الأهم على المهم عند التزاحم ، أو طبقاً لقانون الضرورات تبيح المحظورات ، وليس هناك ضرورة أهمّ من حفظ النفس.
٢ ـ أمّا في حالة انطباق عنوان الدواء على بعض هذه النجاسات ، وافترضنا أنَّ المرض الذي فيه هذا الإنسان لا يؤدّي إلى هلاكه فهل يجوز استعمال الدواء المحرم بالأكل والشرب ؟
الجواب : هنا صورتان :
الاُولى : أنّ الدواء ليس منحصراً في النجس ، بل يوجد فيه وفي غيره.
الثانية : أنّ الدواء منحصر في النجس.
أمّا في الصورة الاُولى فلا يجوز استعمال النجس للشفاء ، لعدم التزاحم بين حرمة النجس ووجوب الشفاء من المرض ، حيث يمكن الشفاء عن طريق الحلال ، وبهذا يجوز استعمال النجس ، ومثال ذلك : أنّ مريضاً يرقد في المستشفى بحاجة إلى دواء معين كالدم النجس ، ويمكن تهيئة ذلك عن طريق استعمال الدواء المستحضر من مادة طاهرة العين ، كالكبد الطاهر ، أو المقويات المزيدة للدم ، ففي هذه الحالة لا يجوز شرب الدواء الذي فيه نجاسة عينية.
وأمّا الصورة الثانية فقد يقال بعدم جواز استعمال النجس ، وذلك لعدم التزاحم بين حرمة استعمال النجس والشفاء من المرض ، لأنّ الشفاء من المرض ليس بواجب.
ولكن الصحيح أنّ السعي إلى الشفاء من المرض واجب أيضاً ، لما فيه من مصلحة الفرد الكبرى التي يتوقّف عليها سعيه في الأرض وكونه فرداً صالحاً ، ولما فيه أيضاً من مصلحة مجتمعه الذي يعيش فيه فإن المرض الذي يوجد في المجتمعات