٣ ـ صحيحة علي بن جعفر في كتابه عن أخيه ( الإمام موسى بن جعفر عليهالسلام ) قال : « سألته عن الدواء هل يصلح بالنبيذ ؟ قال : لا ... إلى أن قال : وسألته عن الكحل يصلح أن يعجن بالنبيذ ؟ قال : لا » (١).
وهذه الروايات وإن كانت واردةً في الخمر إلاّ أنّ ظاهرها النهي عن التداوي بالحرام ، وهي مطلقة لصورة الضرورة وانحصار الدواء بالحرام وعدمها ، إلاّ الرواية الاُولى فهي تقنن قاعدة « إنّ الله لم يجعل في شيء ممّا حرّم دواءً ولا شفاءً » فهي تشير إلى عدم وجود انحصار الدواء في المحرم ، بل تقرّر أنّ المحرّم لا يمكن أن يجيء منه الشفاء والدواء ، وبهذا يبطل الفرض الذي نحن فيه ، هو انحصار رفع الداء بالحرام أو ارتفاع الداء بالحرام.
هذا ولكن إذا أثبت العلم بما لا شك فيه ولا ريب أنّ بعض المحرمات والنجاسات يمكن استفادة الدواء منها ، وقد ينحصر الدواء فيها في بعض الحالات فحينئذ تطرح هذه الروايات للخلل في متنها الذي يكون مخالفاً للواقع الخارجي ، ويعود الفرض ويحكّم قانون التزاحم.
ويمكن أن يقال : إنّ هذه الروايات المانعة من وجود الدواء في الحرام هي ناظرة إلى الواقع الخارجي الذي كان في وقت صدور الروايات فكان الدواء غير موجود فيما هو محرّم ، أمّا في زمان آخر كزماننا إذا تمكّن العلم بأدواته الدقيقة وعمقه الكبير أن يوجد دواءً من النجاسات أو المحرّمات ، وانحصر الدواء به فنرجع إلى القاعدة ، حتى لو لم يكن المتن الروائي مخالفاً للواقع الخارجي وقت صدورها.
بل يمكن أن يقال : إنّ هذه الروايات مختصة بصورة الخمر وشرابه على هيأته الخمرية ، بينما كلامنا في صورة استخراج الدواء من المحرم بحيث تزول صفة الخمرية أو صفة الحرام ويتّصف بصفة اُخرى هي صفة الدواء ولكن عيبه هو
__________________
(١) المصدر السابق : ح ١٥.