الجواب : يقع التزاحم بين حرمة أكله أو شربه ووجوب السعي للاستشفاء ، فإن كان الوجوب أهمّ من حرمة استعمال النجس جاز استعماله للاستشفاء ، وهنا لا تأتي قاعدة « إنّ الله عزّوجلّ لم يجعل في شيء ممّا حرم دواءً ولا شفاءً » لأنّها واردة في عين النجس ، أو منصرفة إليه ، أمّا هنا فإنّ عين النجس مستهلكة مع اشياء اُخر ، فتأتي قاعدة « ليس شيء ممّا حرمه الله تعالى إلاّ وقد أحله لمن اضطر إليه ».
وأمّا الصورة الثانية فهو أمر جائز بلا كلام ، كالتدهين والتزريق والتكحيل فإنّ هذه الأمور لا مانع من استعمال النجس فيها فضلا عن استهلاكه مع غيره ؛ لأنّها جائزة بالأصل ولا دليل على الحرمة ، فلا تزاحم أصلاً بين الوجوب والحرمة.
إنّ ما ذهبنا إليه من حرمة استعمال أبوال مأكول اللحم ليس من ناحية الاستدلال بآية ( ويحرّم عليهم الخبائث ) ، فإنّ معنى الخبائث في الآية هو كل ما فيه مفسدة ولو كان من الأفعال ، فإنّ لفظ « الخبيث » يطلق على العمل الخبيث كما في قوله تعالى : ( ونجّيناه من القرية التي كانت تعمل الخبائث ) وبما أن أبوال ما يؤكل لحمه فيه مصلحة للمريض فهي ليست من الخبائث وإن تنفّر منها الطبع ، وإنّما دليلنا هو الروايات المتقدّمة التي أحلّت شرب البول لأجل الدواء.
قد يطلب الفرد اختياراً تعطيل عضو من اعضائه التناسلية ـ مثلاً ـ أو غيرها ، كرضّ الخصيتين ، أو منع المني من عملية الاخصاب ، كما قد تطلب المرأة من الطبيب قلع الرحم أو سد الانابيب التي تخصب ، أو يطلب شخص رفع كليته واشباه ذلك ، فهل يجوز هذا العمل ؟
وقد يصوّر هذا البحث بصورة ثانية ، وهي : هل يجوز للطبيب أن يعمل هذا