لذلك. أمّا الرجل فلا يجوز له أن يجري عملية جراحية للمرأة حتى الاستئصال كليتها إلاّ في صورة الضرورة. وبهذا اختلف الحكم بين مداواة الرجل للمرأة إذا استلزم النظر إلى جسمه ـ خلا العورة ـ تبعاً لاختلاف الروايات في ذلك.
بقي عندنا نفس نقل الأعضاء البشرية من إنسان لآخر التي ليس فيها حرمة مسبقة فهل هو جائز بلا كلام ، أو حرام بلا كلام ؟
قد يقال بعدم الجواز ، ودليله هو : أن الإنسان وإن كان متسلّطاً على نفسه إلاّ أنّه ليس له حقّ المثلة بجسمه ، وقطع الإنسان لعضو من اعضائه وإن كان بواسطة الطبيب ورضاه هو مثلة غير جائزة.
ولكن الجواب عن ذلك : أنّ العرف يرى أنّ المثلة تتحقّق عند التعدّي على الإنسان ، وفي صورة ما نحن فيه لا يكون أي تعدٍّ من إنسان على آخر ، بل جاء الإنسان الأول بطوع اختياره وإرادته وطلب من الطبيب نقل عضو من أعضائه إلى أخيه أو صديقه ، أفهل يصدق عرفاً على هذا العمل من الطبيب أنه مثلة ؟!
وقد يقال : « إن التبرع بنقل العضو البشري إنّما يكون فيما يملكه الإنسان ، وإن المالك الحقيقي لجسد الإنسان وروحه هو الله تعالى ، أمّا الإنسان فهو أمين على جسده فقط ومطلوب منه أن يحافظ عليه ممّا يهلكه أو يؤذيه استجابة لقوله تعالى : ( ولا تُلقوا بأيديكم إلى التهلكة ) ولهذا كانت عقوبة الانتحار هو الخلود في النار ، ... وبناءً على ذلك فإنّ الإنسان الذي لا يملك ذاته ولا يملك أجزاء هذه الذات لا يمكن التبرع بأعضاء جسمه فهي هبة من الله للإنسان المؤتمن عليها ، ولا يحقّ له التصرف فيها » (١).
__________________
(١) ذهب إلى هذا الرأي الشيخ محمد متولي الشعراوي في بحث كُتب في مجلة العالم الأسبوعية السنة التاسعة ٦ شباط ١٩٩٣ م ١٤ شعبان ١٤١٣ ه العدد (٤٦٩) ص ٣٣.