وإذا كنّا قد انتهينا إلى جواز نقل العضو من الحي إلى الحي ـ كما تقدّم ـ فهل يجوز نقل العضو من الميت إلى الحي ؟
والجواب : إذا قبلنا التزاحم الملاكي المتقدم القائل بأنّ قطع العضو من الميت وإن كان حراماً إلاّ أنّ أهميّة الانتفاع بعضو الميت للإنسان الحي وإن لم تكن واجبة إلاّ أنّها ترفع حرمة قطع العضو من الميت ، لأن الحرمة هي في صورة الاعتداء على الميت ، لا لفائدة ، فيكون العمل منافياً لوجوب احترام الميت ، أمّا مع هذه الفائدة الكبيرة فلا يكون قطعُ عضو الميّت مخالفاً لاحترامه ، خصوصاً إذا صرّح هذا الإنسان قبل موته بقطع أعضائه المفيدة للمرضى.
ولكن قد يقال : إنّ حرمة الميت التي ثبت أنّها كحرمة الحي معناها هو عدم جعل الميت العوبةً بيد غيره ، وحينئذ إذا كان هناك اجازة من نفس الميت لقلع عضو من اعضائه بعد الموت للاستفادة منها فلا يعدّ قلع العضو بعد الموت خلافاً لاحترامه حيث أجاز لنا شق جسمه للاستفادة من اعضائه ، أمّا مع عدم الاجازة والاذن منه فقد يصدق عدم الاحترام على أخذ العضو منه حتى وإن كانت مصلحة للغير ، إذ عدم احترامه وهتكه شيء عرفي يفهمه أهل العرف في صورة عدم إجازته. نعم ، إذا كانت مصلحة لنفس الميت كمعرفة قاتله فيجوز تشريحه وقلع الحنجرة والعين ، لعدم عدّ هذا هتكاً له في صورة عود النفع لنفسه.
ثمّ إنّ الطبيب : إذا كان يرى بنفسه أنّ هذا الإنسان قد مات فعلاً وإلى جانبه إنسان يحتاج إلى بعض اعضاء هذا الميت لينقذه من الموت أيضاً ، فيتوجّه إليه خطابان الأول بحرمة قطع اعضاء الميت ، والثاني وجوب انقاذ الآخر فيقع التزاحم ، فيقدّم الأهم على المهم ، ومن الواضح أن الأهمّ هو انقاذ حياة المريض