فمثلاً : أنّ طلاب كلية الطب يحتاج نموّهم وتدرّجهم في معرفة علوم الطب الى تشريح بعض الجثث الذي هو محرم بعنوانه الأولي ، أو قد يحتاج التعلم إلى النظر الى النساء المحرمات ، أو عورة الإنسان الذي هو محرّم من قبل الشارع المقدّس ، فهل نقول بعدم وجوب أو عدم حسن تعلم علم الطب ونفتي بحرمة تعلم الطب المتوقّف على المحرمات ، أو نقول بجواز تعلم علم الطب وجواز ارتكاب هذه المخالفات الشرعية ؟
وللجواب على هذا التساؤل ينبغي التنبيه على أنّ تعلم الطب إذا كان متوقّفاً على عمل محرم ، ويمكن أن يتوقّف على عمل محلّل ، فإنّ الحرام الذي حرمه الشارع لا يمكن أن يكون محللا ، وذلك لعدم وجود المبرّر لحلّيّة المحرم مع فرض أن تعلم الطب يمكن أن يكون عن طريق سلوك الطريق المحلل ، فمثلاً إذا كان للوصول تعلم الطب طريقان :
أحدهما : تشريح جسم حيوان كالارنب أو القرد أو ما شابه ذلك من الحيوانات المحللة تشريحها شرعاً.
والآخر : تشريح جثة إنسان مسلم ، وهو عمل محرم في الشريعة الإسلامية ، ففي هذه الحالة لا يجوز تعلم الطب عن طريق التشريح المحرم ، وهذا واضح ؛ لأنّ حرمة تشريح جسم الإنسان المسلم سواء كانت تعبديةً محضةً أو لأجل احترام المسلم حتى بعد موته لا يجوز مخالفتها إذا لم يكن هناك شيء يمكن أن يكون له مصلحة أهمّ من مفسدة عدم احترام الميت المسلم ، وقد افترضنا أنّ علم الطب يمكن تحصيله عن طريق محلل ( وهو تشريح جسم الحيوان كالأرنب ) فتبقى حرمة التشريح لجسم المسلم خاليةً عن مزاحم أهمّ.
وهنا ننقل البحث إلى هذه الصورة ، وهي : فيما إذا توقّف تعلم الطب على شيء