٢ ـ إنّ الوجوب الكفائي لتعلم الطب لو كان واضحاً عند الفرد فهناك شبهة اُخرى ، وهي : هل الوجوب الكفائي واجب لوجوب حفظ النفس فقط ، أو الوجوب الكفائي واجب لما يعمّ حفظ النفس ؟
من الواضح أن علم الطب ليس مختصّاً بحفظ النفس ، فقد يقال بأنّ تعلّم الطب واجب بالنسبة لحفظ النفس فقط ، أمّا ما لا يشمل حفظ النفس من الطب فهو ليس بواجب ، ولا يجوز تعلمه إذا توقّف على مقدّمة محرمة.
ثانياً : وقد يقال ـ كجواب على السؤال المتقدّم ـ بجواز تعلم الطب وإن توقف على مقدّمة محرمة ، وذلك لعلمنا بأنّ الشريعة الإسلامية لا ترضى بكون المجتمع الإسلامي متخلّفاً عن ركب العالم الحضاري ، فلأبدّ في كل فن وكمال من أن يتعلّم المجتمع الإسلامي ذلك.
وهذا الجواب صحيح ، ولكنّ التساؤل الذي يجب الجواب عليه هو : ما هي حدود ذلك الفن والكمال ؟ وهل يشمل الوجوب كل الكمالات أو بعضها ؟ وبهذا يرجع الاشكال الأول من أن ترجيح الأهم على المهم في هذا المجال الاجتماعي مشكل من ناحية الموضوع والحكم.
ثالثاً : قد يقال بالتمسّك بقاعدة الاشتغال ، فيقال مثلاً : إنّ تعلم الطب واجب بالوجوب الكفائي على المجتمع ، بمعنى أنّ الوجوب متوجّه إلى المجتمع الإسلامي وفي عهدته ، وما دمنا نشك الآن في وجود من به الكفاية من الأطباء فمعنى ذلك نشك في فراغ ذمّة المجتمع من الوجوب الكفائي ، فنتمسّك بقاعدة الاشتغال القائلة : إن الاشتغال بالتكليف اليقيني ( على المجتمع ) يستوجب الفراغ اليقيني عنه ، فما لم نعلم بوجود قدر الكفاية يبقى الوجوب الكفائي بحاله.
وبهذا أثبتنا الوجوب الكفائي في تعلم الطب على المجتمع ، وحينئذ إذا توقّف