ثمّ إنّ الجن على قسمين : الصالحون وغير الصالحين ، قال تعالى في سورة الجن : ( وإنّا منّا الصالحون ومنّا دون ذلك كنّا طرائق قِدَدا ) (١).
فإذا كان الإنسان يتعوذ ـ من الشيطان ومن الجن المفسدين ومن العين الحاسدة ومن السحر ـ بالله تعالى وبالدعاء له ، وبقراءة القرآن كان ذلك أمراً جائزاً لا بأس به ، بل قد دلّت آيات الفلق والناس على استحبابه على الأقل ، وقد وردت الروايات على أن ذكر الله سبحانه وخصوصاً البسملة يدفع الشيطان عن الإنسان ويبعده.
ولماذا ننظر إلى الأمراض المادية التي تنشأ من التخمة والميكروب ولا ننظر الى الأمراض التي يصاب بها العقل والقلب في المبدأ والمعاد ، وما يتفرّع عليهما من اُصول ومعارف ، وهؤلاء المرضى هم الكافرون والمنافقون ، وبعض من آمن بالله وبرسوله وشك في معاده ورجوعه إلى الحساب ، قال تعالى : ( لئن لم ينتهِ المنافقون والذين في قلوبهم مرض والمرجفون في المدينة لنغرينّك بهم ) (٢) وقال تعالى : ( وليقول الذين في قلوبهم مرض والكافرون ماذا أراد الله بهذا مثلاً ) (٣) فالمرض الذي ذكره القرآن هو نوع من الشك والريب الذي يوجب اضطراب النفس الباطنية والميل إلى الباطل واتباع الهوى.
ولهذا نقول : إنّ في قراءة القرآن والأدعية التي وردت عن المعصومين عليهمالسلام تُزال أنواع الشكوك والشبهات المعترضة للحقائق والمعارف الحقيقية ، ففي القرآن من المواعظ الكافية الشافية والقصص والعبر والأمثال والوعد والوعيد والانذار والتبشير وما تنتهي إليه نتائج العلوم الصحيحة والأحكام الحقّة ما يدفع أمراض
__________________
(١) الجن : ١١.
(٢) الأحزاب : ٦٠.
(٣) المدّثّر : ٣١.