حرمة قتل الانسان الذي يصدق على ما في البطن بعد ولوج الروح ، وخصوص الروايات الدالة على وجوب دية الجنين على مَن أسقط جنيناً في بدايات وجوده ( ولو بعد العلوق ) ، ولما ورد من أن « أول ما يُخلق نطفة » (١).
أمّا حرمة إسقاطه اذا تعلّقت به الروح ( اي بعد مائة وعشرين يوماً ) فقد أجمع عليها علماء الاسلام ، إضافةً الى نصّ القرآن القائل : ( ... ومن قتل نفساً بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعاً ... ).
وأمّا حرمة إسقاط الجنين قبل ذلك ـ أي بمجرد العلوق ـ فقد ذهب اليه جمع من علماء الاسلام ، مثل الإمام الغزالي حيث قال : « ... لأنّ الوجود له مراتب : أولها أنْ تقع النطفة في الرحم وتستعد لقبول الحياة ، فإفساد ذلك جناية ، فاذا صارت مضغةً وعلقة ( علقةً ومضغةً ) كانت الجناية أفحش ، وإن نفخ فيه الروح ازدادت الجناية تفاحشاً » (٢) ، وذهب الى ما تقدم بعض الأحناف والمالكية.
نعم ، إذا زاحم وجودُ الجنين وجودَ الاُم ، فعندئذ يجوز قتل الجنين ؛ للمحافظة على حياة الاُم ، سواء كان مصاباً بمرض الايدز أو لا ، ودليله هو التزاحم بين حياة الأصل والفرع ، وبما أنّ الأصل أهمّ من الفرع فجوّزوا قتل الجنين للمحافظة على الاُمّ.
ولكن هناك حالة اُخرى ، وهي : ما اذا لم تتعرض حياة الاُم للخطر من وجود الجنين المصاب بالمرض ، ولكنّ الحمل في بطن الام سيقصِّر مدة كمون المرض في المرأة ويُسرّع في قتلها فهل يجوز في هذه الحالة إسقاط الجنين ؟
والجواب : أنّ القطع بالفرض المتقدم ليس عملياً ، لأننا اذا أحسنّا رعاية
__________________
(١) يراجع وسائل الشيعة : ج ١٩ ، باب ١٩ من ابواب ديات الاعضاء ، الأحاديث ، وباب ٧ من قصاص النفس ، ح ١ موثقة اسحاق بن عمار « قال قلت لأبي الحسن عليهالسلام : المرأة تخاف الحَبَل فتشرب الدواء فتلقي ما في بطنها ؟ قال : لا. فقلت : إنّما هو نطفة ، فقال عليهالسلام : إنّ أوّل ما يُخلق نطفة ».
(٢) تحديد النسل للسيوطي نقلاً عن القوانين الفقهية لابن جزي : ص ٢٣٥.