معتاد فيكون الطعام والشراب حينئذ مختصاً بالمتعارف منهما ـ يُبطله أنَّ الصحيحة في صدد بيان أن الطعام والشراب مضرٌّ بالصوم بخلاف الأفعال الخارجية من النوم والمشي والعمل وما شابه ذلك ، وأمّا ما هو المراد من الطعام والشراب هل هو مطلق المأكول والمشروب أو خصوص المعتاد منهما ؟ فليست الصحيحة بصدد بيانه حتى تدلّ على حصر المفطر في الطعام والشراب العاديين.
اقول : تقدم سابقاً أن ما يؤكل ويشرب لو وصل من طريق الأنف وهو طريق غير عادي للوصول الى الجوف ، وقد قلنا : إنّه مضرٌّ بصحة الصوم ، وعليه فلو فرضنا ثقباً تحت الذقن ـ مثلاً ـ بحيث يصل المطعوم أو المشروب الى الجوف من طريق الحلق فيكون مضرّاً بصحة الصوم.
ولكن هنا يكون التساؤل عن أمر آخر ، وهو ما إذا فتحنا ثقباً تحت الحلق أو في الصدر لأجل ايصال ما يؤكل أو يشرب الى الجوف فهل يضرّ هذا في صحة الصوم ؟
وقد اجاب على هذا الإمام الخوئي رحمهالله فقال : « وعلى أي حال فالمدار على الدخول في الحلق كيفما اتفق ، ومنه نعرف عدم البأس بالدخول في الجوف من غير هذا الطريق إلاّ أن يقوم عليه دليل بالخصوص ، فيقتصر على مورده كما في الاحتقان بالمائع. وأمّا ما عدا ذلك فلا ضير فيه لعدم كونه من الأكل والشرب في شيء كما لو صبَّ دواءً في جرحه أو شيئاً في اُذنه أو إحليله فوصل الى جوفه ... » (١).
__________________
(١) مستند العروة الوثقى ، كتاب الصوم : ج ١ ، ص ١٠٨.