وأمّا صورة التطعيم بالأوعية الدموية أو العضل ممّا يصل طعمه الى الحلق ـ كما نقل ـ فيتضح حكمه ممّا تقدّم في الادهان ، حيث قلنا : إنّه لم يرد دليل على كون وصول الطعم الى الحلق بدون إطعام مباشرة مضرّاً بالصوم على أنَّ المتخصّصين قد ذكروا بأنَّ الذوق ( الطعم ) إنّما يكون في مؤخرة اللسان لوجود الحليمات الذوقية فيه (١). نعم ، إذا كان ملاك مفطرية الأكل والشرب هو التغذية وكان التطعيم في الأوعية يعدّ غذاءً فهو ممّا يضرّ بالصوم ، إلاّ أنّنا قلنا : أن إثبات ذلك غير ممكن.
وقد يتوهّم أنّ إدخال الدواء أو الدم الى الجسم بواسطة ما يسمى بالحقن يكون مشمولاً لمفطرية الحقنة بالمائع الذي تقدّم دليلها سابقاً.
ولكن نقول : ان معنى الحقنة ـ كما تقدّم عن أهل اللغة ـ هو إيصال الدواء الى باطن مخرجه. وأما الحقن الطبي الذي يُطلق على إدخال الدواء في الأوعية الدموية فهو اصطلاح مستحدث ، فهو لا يفيد في توسعه معنى الحقنة تمسكاً بالإطلاق ، على أن الحقنة المانعة للصوم هي ادخال الدواء الى الباطن من الشرج ( المخرج ).
إنّ ما يضخّ في اللهوات تسهيلا للتنفس وكل ما يمرّ بالحلق الى الجوف يكون على أنحاء ثلاثة :
١ ـ ما يكون فيه جرم لا يُستهلك حتى يصل الى الحلق ويتعداه الى الجوف (٢).
٢ ـ ما يكون فيه جرم يُستهلك قبل الوصول الى الحلق والجوف.
٣ ـ ما لا يكون فيه جرم عرفاً ، كالهواء الذي يحمل ذرّات من الغبار العاديّة.
__________________
(١) راجع بحث التداوي والمفطّرات للدكتور حسّان شمسي باشا : ص ٨.
(٢) إنّ ما يوضع في اللهوات قد يصل الى البلعوم الفمي ثم الى المريء ، وكذا الأمر في التبغ فإنّ المواد العالقة تصل الى البلعوم الانفي والفمي والحنجري ثم يصل شيء منها الى المريء.