والذي ينبغي أن يقال : إنّ هذه العناوين الثلاثة لا تضرُّ بالصوم ، لعدم صدق أي عنوان من العناوين المفطِّرة عليها ، لأنّ هذه العناوين ليست أكلا ولا شرباً ولا يلزم منها ادخال شيء الى الجوف الذي يصل الى مستقر الطعام أو الشراب.
نعم ، قد ينطبق عليها مفهوم ( الضعف ) ، وقد ورد النهي عن تضعيف الصائم نفسه واخراج كلّ دم مضعّف كنزع الضرس ونحوه والحجامة ، فقد ورد في صحيحة الحلبي ، عن الإمام الصادق عليهالسلام قال : « سألته عن الصائم أيحتجم ؟ فقال : إني أتخوّف عليه ، أما يتخوّف ( به ) على نفسه ؟ قلت : ماذا يتخوّف عليه ؟
قال : الغشيان ، أو لأن ثثور به مُرَّة (١). قلت : أرأيت إن قوي على ذلك ولم يخشَ شيئاً؟ قال : نعم ، إن شاء » (٢). وغيرها من الروايات.
وقد ورد عن الإمام الرضا عليهالسلام عن أبيه عن آبائه عن عليٍّ عليهالسلام « أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله احتجم وهو صائم محرم » (٣).
وقد روى البخاري عن ابن عباس أنَّ النبي احتجم وهو صائم (٤).
وقد فسّرت بعض الروايات ما نقل عن النبي صلىاللهعليهوآله من قوله : « أفطر الحاجم والمحجوم » الذي لا يمكن حمله على الإفطار بسبب الحجامة ، إذ المحجوم إذا كان قد افطر نتيجة اخراج الدم منه ، فما بال الحاجم الذي لم يخرج الدم منه ؟
فقد ذكر في كتاب معاني الأخبار بسنده ، عن عباية بن ربعي ـ في حديث ـ قال : « سألت ابن عباس عن الصائم يجوز له أن يحتجم ؟ قال : نعم ، ما لم
__________________
(١) المُرَّة : خلط من أخلاط البدن غير الدم والجمع مِرارٌ بالكسر ، مجمع البحرين ( مادة مرر ).
(٢) وسائل الشيعة : ج ٧ ، ب ٢٦ ممّا يمسك عنه الصائم ح ١.
(٣) المصدر السابق : ج ٧ ، ب ٢٦ ممّا يمسك عنه الصائم ، ح ٨.
(٤) المغني لابن قدامة : ج ٣ ، ص ٣٦.