والجواب : اختلف العلماء في ذلك :
فقد ذهب بعضهم الى أن عدم ابتلاء الصوم بالمزاحم الأهم هو من شرائط الصحة كعدم المرض والسفر ، ومعنى ذلك إنكار جريان الترتب (١).
وعلى هذا يحكم ببطلان الصوم لو ترك المكلف الأهم وصام ، لأنّه لا أمر بالصوم فلا يحرز الملاك والمصلحة فيكون الصوم باطلاً ، ولا نحتاج الى دعوى اقتضاء الأمر النهي عن ضده.
ولكن بناءً على التحقيق : ( المختار في الاُصول ) « من صحة الترتب وامكانه بل لزومه ووقوعه وأنّ تصوّره مساوق لتصديقه ... فلا مناص من الحكم بالصحة بمقتضى القاعدة » (٢).
وبناءً على هذا التحقيق فلابدّ من القول بأنّ وجوب الصوم مشروط بعدم المزاحمة للأهم ، وليست الصحة مشروطة بذلك.
قلنا فيما تقدّم : إنّ النسبة بين الضرر من الصوم والمرض هي عموم من وجه ، فقد يحصل الضرر من الصوم ولا مرض في البين ، كما في الصوم الذي يؤثر على ضعف العين في المستقبل مع عدم اتصاف المكلف بالمرض ، وقد يحصل المرض ولا ضرر في الصوم ، كما في الأمراض التي تحتاج الى إمساك عن الطعام
__________________
(١) الترتّب : قاعدة تقول : إنّ المزاحمة بين خطاب صلِّ وخطاب احفظ الوديعة ـ مثلاً ـ إذا لم يكن الجمع بينهما هي بين الاطلاقين لا بين ذاتي الخطابين ، وعليه فلا مانع من تعلق الأمر بأحدهما ( وهو الأهم ) مطلقاً وتعلق الأمر بالآخر ( وهو المهم ) على تقدير عصيان الأمر بالأهم ، وحينئذ يكون الساقط هو اطلاق الأمر بالمهم ( وهو الصوم في مثالنا ) أمّا أصل الأمر بالصوم فهو باق على حاله ، والمعجِّز ليس هو نفس الأمر بالأهم ، بل امتثاله ، فما لم يمتثل الأهم لا يكون عاجزاً عن المهم وحينئذ يكون أمره باقياً.
(٢) راجع المستند في شرح العروة الوثقى ، كتاب الصوم : ج ١ ، ص ٤٦٢ ـ ٤٦٣.