وقد اختلف علماء الإمامية في وجود أمثلة لهذا العنوان ، فهناك موارد جوّز بعض العلماء فيها الافطار من غير إيجاب ، وهي :
١ ـ ما تقدّم قبل قليل من جواز إفطار الشيخ والشيخة اللذين يتمكنان من الصوم بمشقة شديدة تبلغ حدّ الحرج من الصوم. كما يجوز لهما الافطار في حال تعذر الصوم منهما ، وهذا واضح.
ودليله ـ بالاضافة الى دليل نص الحرج ـ الآية القرآنية ( وعلى الذين يطيقونه فديةٌ طعام مسكين ) (١).
وليست الاطاقة في هذه الآية هي القدرة حتى يقال بأنَّ هذه الآية منسوخة بآية ( فمن شهد منكم الشهر فليصمه ) باعتبار أن المتمكن من الصيام كان مخيّراً في صدر الاسلام بين الصوم والفداء ، بل الاطاقة هي التمكّن مع المشقّة الشديدة التي تتعقب بالعجز كما فَسّرها به في لسان العرب وغيره ، فالآية تشير الى أن مَنْ يتمكن من الصوم مع المشقة والحرج الشديد يجوز له الافطار مع إعطاء الفدية.
ولكن نقل عن مجمع البيان قوله : إنّ آية ( وأن تصوموا خيرٌ لكم ) من الافطار والفدية ، ولذا ذهب صاحب الحدائق قدسسره والسيد اليزدي في العروة الوثقى الى صحة الصوم أيضاً ، وعدم تعين الفداء ، وأنّ الحكم بالفدية والافطار ترخيصيّ لا إلزامي ، حيث أرجعوا ( وأن تصوموا خيرٌ لكم ) متمِّماً لقوله تعالى : ( وعلى الذين يطيقونه فديةٌ طعامُ مسكين ).
ولكن هناك جمع من فقهاء الإمامية لم يرتضوا أن يكون الحكم بالفدية والافطار للشيخ والشيخة ترخيصي ، بل هو إلزامي (٢).
__________________
(١) البقرة : ١٨٣.
(٢) راجع مستند العروة الوثقى ، كتاب الصوم : ج ٢ ، ص ٣٩ ـ ٤١.