من الصوم بمشقة شديدة وحرج عظيم هل يجب عليه الافطار عزيمةً ، كما ذكر ذلك الشيخ صاحب الجواهر (١) وجماعة من الفقهاء ( منهم الإمام الخوئي ) (٢) ، أو يجوز لهم الافطار رُخصة ، فإذا صاموا صحّ منهم ، كما ذهب الى هذا الرأي الثاني كل من عبّر بورود الرخصة في إفطار جماعة ، ومنهم المحدث صاحب الحدائق وصاحب العروة ؟ (٣).
ملاحظة : لا إشكال في أنّ الحامل المقرب والمرضع القليلة اللبن إذا خافت من الصوم على نفسها أو على حملها فهي داخلة تحت عنوان المرض ؛ لأنّها تخاف الضرر من دون حاجة الى نصّ خاص ، وهو الميزان المريض الذي يجب عليه الافطار والقضاء بعد زوال العذر ( كما تقدّم ) ، وأمّا إذا خافت على طفلها فيجب عليها الافطار من باب مزاحمة حفظ النفس المحترمة وتقدمة على وجوب الصوم عند عدم التمكن من الجمع بينهما ، وهذا واضح.
إذا أخبرنا الطبيب العارف بوجود الضرر من الصوم فهل يكون قوله حجّةً يجب اتّباعه ؟
الجواب : أنّ الروايات المتقدّمة ـ التي جعلت المكلف مؤتمناً على الصوم وأنّه على بصيرة من نفسه ، فإذا رأى من نفسه القدرة على الصوم صام ، وإن وجد من نفسه عدم القدرة على الصوم أفطر ، وكذا الرواية القائلة : « إذا خاف على عينيه
__________________
(١) جواهر الكلام : ج ١٧ ، ص ١٥٠ حيث قال : « ثم لا يخفى عليك أنّ الحكم في المقام ونظائره من العزائم لا الرخص ضرورة كون المدرك فيه نفي الحرج ونحوه مما يقضي برفع التكليف ».
(٢) مستند العروة الوثقى ، كتاب الصوم : ج ٢ ، ٣٧ ـ ٣٨.
(٣) راجع مستند العروة الوثقى ، كتاب الصوم : ج ٢ ، ص ٣٩ ، وكتاب الحدائق الناظرة : ج ١٣ ، ص ٤٢١ ، والعروة الوثقى ، كتاب الصوم.