الذي اشترطته الروايات في البيع الثاني هو فعل المشتري الذي يكون القبض فيه هو الاستيلاء على المبيع والسيطرة التي تمكّنه من بيعه للآخرين ، وعلى هذا فاذا أوجد البائع التخلية للمبيع ولم يستولِ المشتري عليه فلا يتمكّن من بيعه.
كما أنَّ اعتبار القبض في الهبة دلّ على حيازة المتَّهب للهبة ، وحينئذ لا تكفي التخلية التي هي فعل الواهب.
قال في المكاسب : « إنّ القبض للمبيع هو فعل القابض وهو المشتري ، ولا شك أنَّ الأحكام المترتبة على هذا الفعل لا تترتب على ما كان من فعل البائع من غير مدخل للمشتري فيه ، كما أنَّ الأحكام المترتبة على فعل البائع ـ كالوجوب على البائع والراهن في الجملة واشتراط القدرة على التسليم ـ لا يحتاج في ترتّبها إلى فعل من المشتري » (١).
٢ ـ هل تختلف صور القبض في الأموال المنقولة عن غير المنقولة ؟
نقول : إن ما تقدّم منّا هو ظهور النهي عن البيع قبل القبض الحقيقي ، والقبض الحقيقي هو قبض المشتري ، وهو معنى واحد عبارة عن الاستيلاء على المال ، بحيث يكون الاختيار تحت يد المشتري ، وهذا هو المعنى العرفي للقبض الذي توافقه اللغة أيضاً ، إنّما الاختلاف في مصاديق القبض ، ففي مثل الدار يكون مصداق الاستيلاء والاستعلاء هو التخلية بين المالك وبين ملكه ، بحيث يتمكّن من التصرف فيه بإعطائه مفتاح الدار ، وفي مثل الاُمور المنقولة ـ كالجواهر ـ يكون مصداق الاستيلاء هو القبض باليد ، وفي مثل الحيوان والسيارة يكون مصداق القبض هو أخذ مقود السيارة أو الحيوان ( أو سوْق الحيوان أو السير بالسيارة ).
__________________
(١) المكاسب ، للشيخ الأعظم الأنصاري ١ : ج ٢ ، ص ٣٠٩.