من بين الأقوال.
ولنا أن نقول أيضاً : إنّ معنى الطعام ظاهراً هو الحنطة والشعير ، فقد جاء في لسان العرب : « وأهل الحجاز إذا أطلقوا اللفظ بالطعام عنوا به البُرّ خاصّةً ... قال : وقال الخليل : العالي في كلام العرب أن الطعام هو البُرّ خاصة ». وهذا هو الذي يظهر من كلام ابن الأثير في النهاية.
وحينئذ نقول : بما أن الحنطة والشعير مكيلان أو موزونان فلا يكون هناك قول ثالث ، لأنَّ أصحاب القول الرابع يكونون قد أخذوا بكلتا طائفتي الروايات القائلة بأن بيع المكيل والموزون ـ ومنه الطعام ـ لا يجوز قبل قبضه ، بمعنى أنَّ روايات القول الثالث صحيحة ، وهي تدل على حكم خاص ، وروايات القول الرابع صحيحة وهي تدلّ على حكم أعم من القول الثالث ، ولا تعارض بينهما ، إذ لم يعلم أن الحكم واحد ، فنأخذ بكلتا طائفتي الروايات.
٤ ـ هل توجد علّة للنهي عن البيع قبل القبض ؟
وللجواب عن هذا السؤال لابدّ أن نستعرض ما يمكن أن يقال بعلّيّته للنهي عن البيع قبل القبض ، ثم نرى مدى صحته فنقول :
١ ـ قد يقال : إنّ العلة في نظر الشارع هي عدم جواز الربح بدون تحمّل الخسارة ، وما دامت السلعة المشتراة لم يقبضها المشتري فخسارتها بالمنظور الشرعي على البائع ، لقاعدة : « تلف المبيع قبل قبضه من مال بائعه » ، وحينئذ لا يجوز للمشتري أن يربح بدون تحمّل للخسارة إذا حصلت في سلعته. وكأنّ هذا هو الميزان العدل في المنظار الاقتصادي والشرعي القائل : « من كان له الغنم فعليه الغرم ». ويشهد لهذه العلّة جواز بيعها على شخص ثالث أو على بائعها توليةً بدون القبض.
أقول : ولكن رغم معقولية هذا القانون لم يدلّ عليه أيّ دليل شرعي ، بل