نفسه فيما إذا تلف المبيع يكون ضمانه عليه ( لا على البائع الأول ولا على المشتري الثاني ) فهل يصحّ أن يقوم هذا الضمان مقام القبض الحسّي فتصحّ المعاملة الثانية ؟
أقول : إنّ القبض الذي يجعل البائع ضامناً للبضاعة إذا لم يحصل ويرتفع الضمان عنه إذا حصل ، هو غير القبض الذي يجوّز للمشتري بيع بضاعته بعده ، ولا يجوز له بيع بضاعته قبله ، إذ المراد من الأوّل التخلية ، فلو خلّى البائع بين المشتري وبين البضاعة المباعة فقد خرج عن الضمان وإن لم يحصل القبض الحسّي من قبل المشتري ، وحينئذ يكون البائع غير ضامن ، ومع ذلك لا يجوز للمشتري أن يبيع البضاعة قبل أن يقبضها قبضاً حسيّاً ويحوزها. وبهذا يفهم أنّ المراد من القبض في الثاني هو القبض الحسّي ، وعليه فإذا خرج البائع عن الضمان بالتخلية توجّه الضمان على المشتري ، ولكن إذا لم يحصل القبض الحسّي فلا يجوز له بيع البضاعة المكيلة أو الموزونة ، للأدلّة المتقدّمة المصرِّحة بلا بدّية القبض الحسّي في البيع الثاني.
ثم : إنّ بين ضمان المشتري للمبيع وقبضه تبايناً وتضادّاً ، وقد جعل الشارع القبض الحقيقي شرطاً لصحّة البيع الثاني إذا كان غير تولية.
وحينئذ نقول : لا يمكن أن يقوم مقامه ضمان المشتري للمبيع ، على أننا لم نعلم علّة لابدّية القبض في المكيل والموزون قبل البيع الثاني ، ومن يقول بقيام الضمان مقام القبض لابدّ له من أن يثبت أنّ علّة القبض في المبيع قبل البيع الثاني إنّما هي لضمان المشتري السلعة ، وهذا دونه خرط القتاد.
٧ ـ شحن السلعة في السفن
في التجارة الدولية يكون شحن السلع في السفن مُخرِجاً للبائع عن الضمان فيما إذا تلفت السلع بعد ذلك ، ثم إنّ المشتري قد يقوم ببيعها وهي في البحر لشخص ثالث ، ويكون هذا البيع مُخرِجاً للمشتري الأول عن الضمان فيما إذا تلفت السلع بعد ذلك ،