أقول : إنّ هذه الأماكن الخمسة هي حدود عَرَفَة من ناحية الغرب ( الحرم ) وهي راجعة إلى أربعة كما هو المعروف من الحدود ، لأنّ نَمِرَة هي بطن عَرَفَة ، كما روي في حديث معاوية المتقدّم عن الإمام الصادق عليهالسلام.
نَمِرَة : بفتح النون وكسر الميم وفتح الراء المهملة ( وهي بطن عُرَنَة ) كما ذكرت الروايات المتقدّمة.
وقد ذكر ابن تيمية عن نَمِرَة فقال : « ونَمِرَة كانت قرية خارجة عن عرفات من جهة اليمن ، فيقيمون فيها إلى الزوال كما فعل النبي صلىاللهعليهوآله ثمّ يسيرون منها إلى بطن الوادي ، وهو موضع النبيّ صلىاللهعليهوآله الذي صلّى فيه الظهر والعصر وخطب ، وهو في حدود عَرَفَة لبطن عُرَنَة ، وهناك مسجد يُقال له مسجد إبراهيم ، وإنّما بُني في أوّل دولة بني العبّاس ».
وقال ابن القيّم : « نَمِرَة قرية غربيّ عرفات ، وهي خراب اليوم ، نزل بها النبي صلىاللهعليهوآله حتّى إذا زالت الشمس أمر بناقته القصواء فرحّلت له ، ثمّ سار حتّى أتى بطن الوادي من أرض عَرَفَة فخطب الناس ، وموضع خطبته لم يكن من الموقف ، فإنّه خطب بعُرَنَة ، وليس من الموقف ، فهو صلىاللهعليهوآله نزل بنَمِرَة وخطب بعُرَنَة ووقف بعَرَفَة » (١).
والمُراد من المسجد الذي يسمّى مسجد إبراهيم فيما ذكره ابن تيمية هو المسجد القديم الذي اختلف فيه أنّه من عرفات أو خارجها ؟ على ثلاثة أقوال :
١ ـ فقد ذكر إمام الحرَمَين الجويني والقاضي حسين والرافعي وجماعة من
__________________
(١) هداية الناسكين ، تحقيق الدكتور الفضلي : ١٧٥ ، عن هامش كتاب الإرتسامات اللِطاف ، أرسلان ( الأمير شكيب بن حمود ١٣٦٦ ه ) ، تعليق عبد الرزّاق محمّد سعيد حسن ( الطائف : مكتبة المعارف ) : ص ٥٨ ـ ٦٥.