قوله تعالى : (فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِها) (١).
وعن ابن عبّاس : معناه : خاليا من كلّ شيء إلّا من ذكر موسى ، أي : صار فارغا له.
وعن الحسن : فارغا من الوحي الّذي أوحي إليها بنسيانها ، فإنّها نسيت ما وعدها الله تعالى به.
(إِنْ كادَتْ لَتُبْدِي بِهِ) إنّها كادت لتظهر بموسى ، أي : بأمره وقصّته من فرط الضجر ، أو الفرح لتبنّيه (لَوْ لا أَنْ رَبَطْنا عَلى قَلْبِها) بإلهام الصبر والثبات ، كما يربط على الشيء المنفلت ليقرّ ويطمئنّ. أو لو لا أنّا طمأنّا قلبها ، وسكّنّا قلقه الّذي حدث به من شدّة الفرح والابتهاج ، كادت لتبدي بأنّه ولدها ، لأنّها لم تملك نفسها فرحا وسرورا بما سمعت من تبنّي فرعون إيّاه. فحذف جواب «لولا» لدلالة ما قبله عليه.
وقوله : (لِتَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) علّة الربط ، أي : فعل ذلك ليكون من المصدّقين بوعد الله ، وهو قوله : (إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ). أو من الواثقين بحفظه ، لا بتبنّي فرعون وتعطّفه.
(وَقالَتْ لِأُخْتِهِ قُصِّيهِ فَبَصُرَتْ بِهِ عَنْ جُنُبٍ وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ (١١) وَحَرَّمْنا عَلَيْهِ الْمَراضِعَ مِنْ قَبْلُ فَقالَتْ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلى أَهْلِ بَيْتٍ يَكْفُلُونَهُ لَكُمْ وَهُمْ لَهُ ناصِحُونَ (١٢) فَرَدَدْناهُ إِلى أُمِّهِ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُها وَلا تَحْزَنَ وَلِتَعْلَمَ أَنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ (١٣))
__________________
(١) الحجّ : ٤٦.