رَبِّ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (٢١) وَلَمَّا تَوَجَّهَ تِلْقاءَ مَدْيَنَ قالَ عَسى رَبِّي أَنْ يَهْدِيَنِي سَواءَ السَّبِيلِ (٢٢) وَلَمَّا وَرَدَ ماءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِنْ دُونِهِمُ امْرَأَتَيْنِ تَذُودانِ قالَ ما خَطْبُكُما قالَتا لا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعاءُ وَأَبُونا شَيْخٌ كَبِيرٌ (٢٣) فَسَقى لَهُما ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ فَقالَ رَبِّ إِنِّي لِما أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ (٢٤))
ولمّا قال هذا انتشر الحديث ، وارتقى إلى فرعون وملئه ، وهمّوا بقتله ، فخرج مؤمن آل فرعون. وهو حزقيل ابن عمّ فرعون. وقيل : اسمه شمعون. وقيل : سمعان. فأتاه ليخبره كما قال : (وَجاءَ رَجُلٌ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ) من آخر مصر (يَسْعى) يسرع في المشي حتّى سبقهم إلى موسى. وهذا صفة لـ «رجل». أو حال منه ، إذا جعل (مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ) صفة له ، لأنّ تخصيصه بها يلحقه بالمعارف. وإذا جعل صلة لـ «جاء» لم يجز إلّا الوصف.
(قالَ يا مُوسى إِنَّ الْمَلَأَ) الأشراف من آل فرعون (يَأْتَمِرُونَ بِكَ) يتشاورون بسببك (لِيَقْتُلُوكَ) وإنّما سمّى التشاور ائتمارا ، لأنّ كلّا من المتشاورين يأمر الآخر ويأتمر. (فَاخْرُجْ) من أرض مصر (إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ) في هذا. واللام للبيان. وليس صلة للناصحين ، لأنّ معمول الصلة لا يتقدّم الموصول.
ثمّ بيّن سبحانه خروج موسى من مصر إلى مدين ، فقال : (فَخَرَجَ مِنْها) من مدينة فرعون (خائِفاً يَتَرَقَّبُ) لحوق طالب في الطريق (قالَ رَبِّ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) خلّصني منهم ، واحفظني من لحوقهم.